يستضيف برنامج "الشريعة والحياة" الذي يبث على الهواء مباشرة مساء الأحد 17-9-2006 على قناة الجزيرة الفضائية، العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وذلك لاستعراض وتفنيد تصريحات بابا الفاتيكان المسيئة للإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام.

وتناقش حلقة اليوم مجموعة من الأسئلة التي أثارتها تصريحات بابا الفاتيكان المسيئة، مثل: هل العقيدة الإسلامية تقوم على أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل؟ وأي فائدة في تكرار المقولات العدائية تجاه الإسلام مع كل ما يقال عن حوار الحضارات؟.

وكان البابا بنديكت السادس عشر، الحبر الأعظم للمسيحيين الكاثوليك، قد أثار غضب العالم الإسلامي خلال محاضرة ألقاها في جامعة ريجينسبورج الألمانية يوم 12-9-2006، تطرقت للخلاف التاريخي والفلسفي بين الإسلام والمسيحية في العلاقة التي يقيمها كل منهما بين الإيمان والعقل.

وأكثر ما أثار غضب عدد من العلماء والشخصيات الفكرية في العالم الإسلامي في خطاب البابا اقتباسه حوارا دار في القرن الرابع عشر بين إمبراطور بيزنطي ومثقف فارسي مسلم حول دور الرسول (عليه الصلاة والسلام). وقال فيه الإمبراطور للمثقف "أرني ما الجديد الذي جاء به محمد؟ لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف".

هجوم لا يليق

وكان الدكتور القرضاوي قد أصدر بيانا مطولا الخميس 14-9-2006 للرد على اتهامات البابا للإسلام ونبيه الكريم، جاء فيه: "كنا ننتظر من أكبر رجل دين في العالم المسيحي: أن يتأنى ويتريث ويراجع ويشاور، إذا تحدث عن دين عظيم كالإسلام، استمر أكثر من أربعة عشر قرنًا، ويتبعه نحو مليار ونصف من البشر، ويمتلك الوثيقة الإلهية التي تتضمن كلمات الله الأخيرة للبشرية (القرآن الكريم)".

وتابع: "ولكن البابا الذي قالوا: إنه كان يشغل مقعدًا لتدريس اللاهوت وتاريخ العقيدة في جامعة راتيسبون منذ 1969، سارع بنقد الإسلام، بل بمهاجمته في عقيدته وشريعته، وبطريقة لا يليق أن تصدر من مثله".

وأضاف: إن البابا نسى "أن محمدًا صلى الله عليه وسلم جاء بالكثير الكثير الذي لم تأتِ به المسيحية ولا اليهودية قبلها، جاء بالمزج بين الروحية والمادية، وبين الدنيا والآخرة، وبين نور العقل ونور الوحي، ووازن بين الفرد والمجتمع، وبين الحقوق والواجبات، وقرر بوضوح الإخاء بين الطبقات داخل المجتمع، وبين المجتمعات والشعوب بعضها وبعض، وقال كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}" [الحجرات:13].

جهل أو كذب

ورد القرضاوي على ما استشهد به بابا الفاتيكان بقوله: "أما ما قاله الإمبراطور البيزنطي من أن محمدًا لم يجئ إلا بالأشياء الشريرة، وغير الإنسانية، مثل الأمر بنشر دينه بحد السيف! فهو قول مبني على الجهل المحض، أو الكذب المحض. فلم يوجد من حارب الشر، ودعا إلى الخير، وفرض كرامة الإنسان، واحترم فطرة الإنسان، مثل محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله {رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}".

وتابع: "ودعوى أنه أمر بنشر دينه بحد السيف أكذوبة كبرى، فهذا ما أمر به قرآنه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}" [النحل: 125].

وشدد على أن "الحقيقة أن الإسلام لم ينتصر بالسيف، بل انتصر على السيف الذي شهر في وجهه من أول يوم. وظل ثلاثة عشر عامًا يتحمل الأذى والفتنة في سبيل الله، حتى نزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}" [الحج: 39،40].

وأكد القرضاوي أنه إنما فرض الإسلام الجهاد دفاعًا عن النفس، ومقاومة للفتنة، والفتنة أشد من القتل، وأكبر من القتل. ولذا قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} [النساء: 90].