قال العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إنه لايجوز أن يصبح الانسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى سلعة تباع وتشترى، لافتا إلى أن الإسلام وضع خطة لتضييق منابع الرق، الذي كان موجودا منذ زمن بعيد في جميع أنحاء العالم، وأجازه في حالة واحدة وهي الأسر.
ولفت فضيلته خلال ندوة بعنوان "ما ملكت أيمانكم.. تصحيح المفاهيم" نظمتها المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر بالتعاون مع مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد 19 الجاري، وحضرها جمع من طلاب كلية أحمد بن محمد العسكرية، وطلاب مدرسة الدوحة الثانوية للبنين، لفت إلى أن الأسر في حد ذاته غير ضروري وشرع في بعض الحالات، وقد فتح الإسلام الأبواب لإخراج الأمة من الرق، وأصبح للرقيق مصارف معروفة حددها القرآن، موضحاً أن الآيات الكريمة التي ذكر فيها "ملك اليمين" جاءت لتعالج إفرازات ما قبل الإسلام.
وأضاف أن القرآن جاء لبيان العلاقة بين الله تعالى وخلقه، لافتًا إلى أن أطول آية في الكتاب الكريم جاءت في شأن الإنسان (آية الدين في سورة البقرة)، وأوضح أن ملك اليمين شرع في القرآن ويقصد به "الشراء"، مؤكداً أن الاسلام عامل الرقيق معاملة كريمة، وهدف إلى تحرير الناس جميعاً، من خلال أساليب متنوعة؛ ومن هذا المنطلق لايجوز معاملة الخدم على أنهم رقيق، محذراً من امتهان كرامة الإنسان أو تعذيبه أو تكليفه بما لايستطيع.
وأكد -وفق صحيفة الشرق- أن العمالة الوافدة لا ينطبق عليها مسمى ابن السبيل، باعتبار أن هذه الفئة لها بيوت وعوائل وأسر وبلاد، واغتربت من أوطانها من أجل الرزق، لكنهم أشبه بأن يصنفوا في باب الفقراء، لذلك يجب أن يعاملوا معاملة الضعفاء برفق وإحسان.
وعرج فضيلته على قضية دفاع بعض علماء الدين عن الحكام الطغاة ودعوتهم لعدم خروج الشعوب المظلومة في مظاهرات سلمية ضد الحكام، مؤكدا أن هؤلاء العلماء كاذبون مخادعون يدافعون عن الباطل لخدمة الحكام المتجبرين..
وقفة للتذكير
وافتتحت مريم المالكي المدير العام للمؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر الندوة، لافتة الى أن البعض قد يتكئ على مسألة "ملك اليمين" في ممارسة بعض السلوكيات الخاطئة، إلا أن الواقع الاسلامي والشرائع السماوية كافة قد أعطت الأهمية القصوى للحقوق الفردية والحريات الشخصية، كما أن الإعلانات والمواثيق الدولية أكدت على ذلك وأرست القواعد والأحكام بضمانها وكمالتها، وأضافت أنه وعلى الرغم من ذلك فإن الحاجة ماسة إلى وقفة للمراجعة والتذكير، مستعينين بالقرآن الكريم وسنة نبيه.
وتقدمت المالكي بالشكر والتقدير للشيخ يوسف القرضاوي لمشاركته في إثراء الندوة، ولعلماء الدين والمتحدثين، على مساهمتهم في تعميق المفاهيم والمعاني والأفكار في هذا الجانب المهم، لافتة إلى أن الندوة تهدف إلى تصحيح المفاهيم، ونشر الوعي بمفهوم ملك اليمن، وتعتبر باكورة التعاون والتنسيق مع مركز "القرضاوي للوسطية الاسلامية والتجديد".
وقد قامت المالكي باسم مؤسستها بتكريم الشيخ القرضاوي، والمتحدثين بالندوة تقديراً لجهودهم ومساهمتهم في الندوة.
ومن جانبه قال د. محمد خليفة من مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد التابع لكلية الدراسات الإسلامية عضو مؤسسة قطر، أن المركز يشارك المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر في عقد هذه الندوة المهمة، والتي تأتي كبداية جيدة وجادة لتفعيل اتفاقية التعاون المبرم بين الطرفين، حيث يلتقي المركزان في العمل الموجه لخدمة القضية الإنسانية وتقديم الحلول والمعالجات الإسلامية باعتبار الإسلام دينا إلهيا يوجه طاقات المسلمين لخدمة البشرية والنهوض بالحضارة الإنسانية.