بسم الله الرحمن الرحيم
يتقدم المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث للأمة الإسلامية والعربية والإنسانية جمعاء بأحرّ التعازي في المصاب الجلل الذي أصابنا جميعا بوفاة الإمام المجدّد الدكتور/ يوسف القرضاوي، رحمه الله تعالى.
كان -رحمه الله- يشرح حقائق الإسلام ناصعة بهية، كان -رحمه الله تعالى- صاحب فكر عميق، وتحليل دقيق، وأسلوب رشيق، يقنع العقل، ويرطب القلب، ويمتع العاطفة، لم تكن دعوته نخبوية، تميز طائفة عن طائفة؛ وإنما كانت لكل الأمة، تتمسك بالأصول، ولا تتشدد في الفروع، ودائما-رحمه الله تعالى- ما كان يردد عبارة السلف: «الفقه هو الرخصة عن ثقة، أما التشدد فيحسنه كل أحد».
دعى الأمة جميعها إلى معرفة مقاصد الشريعة الإسلامية، وفقه الائتلاف والخلاف، وفقه الميزان والحال والمآل، وفقه الأولويات، وفقه التغيير، وفقه مكارم الأخلاق، وبعبارة جامعة: «فقه الشريعة والحياة».
تعلمنا منه -رحمة الله عليه- التيسير في الفتوى والتبشير في الدعوة، تعلمنا منه -رحمه الله تعالى- «أن الشريعة الإسلامية شريعة واقعية، تراعي حاجات الإنسان ومطالبه، سواء كانت روحية أو مادية، تُيسِّر ولا تعسِّر، وترفع الحرج، وتمنع الضرر«.
تعلمنا منه -رحمة الله عليه- أن جميع المسلمين في الغرب عليهم أن يعيشوا متمسكين بدينهم وعقيدتهم وشعائرهم وقيمهم وآدابهم، وأن يندمجوا في المجتمع الذي يعيشون فيه، ينتجون ويبدعون، يشاركون في كل أنشطة مجتمعاتهم، يفعلون الخير، ويشيعون الهداية، ويدعون إلى كل فضيلة، ويقاومون كل رذيلة، ويؤثرون في المجتمع بالأسوة والدعوة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا دون إفراط أو تفريط .
رحل الإمام القرضاوي، وترك برحيله ثلمة لا يسدها أحد سواه، وصدق الرسول الكريم إذ يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء». متفق عليه.
رحم الله الإمام القرضاوي وأدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وألهم أهله وذويه وتلامذته ومحبيه الصبر والسلوان، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا «لله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شىء عنده بأجل»، و«إنا لله وإنا إليه راجعون«.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته