د. يوسف القرضاوي

الإسلام يُحرِّم الغش والخداع بكل صورة من الصور، في كل بيع وشراء وفي سائر أنواع المعاملات الإنسانية. والمسلم مطالب بالتزام الصدق في كل شؤونه، والنصيحة في الدين أغلى من كل كسب دنيوي.

قال عليه الصلاة والسلام: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما".

وقال: "لا يحل لأحد يبيع إلا بيَّن ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بيَّنه".

ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يبيع طعامًا (حبوبًا) فأعجبه، فأدخل يده فيه، فرأى بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب المطعم؟ فقال: أصابته السماء (أي المطر)، فقال صلى الله عليه وسلم: فهلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟! من غشنا فليس منا".

وفي رواية: أنه مر بطعام وقد حسنه صاحبه، فوضع يده فيه، فإذا طعام رديء، فقال: "بع هذا على حدة، وهذا على حدة، من غشنا فليس منها".

وكذلك كان سلف المسلمين يفعلون؛ يبيِّنون ما في المبيع من عيب ولا يكتمون، ويصدقون ولا يكذبون، وينصحون ولا يغشون.

باع ابن سيرين شاة فقال للمشتري: أبرأ لك من عيب فيها؛ إنها تقلب العلف برجلها.

وباع الحسن بن صالح جارية، فقال للمشتري: إنها تنخمت مرة عندنا دمًا. مرة واحدة، ومع هذا يأبى ضميره المؤمن إلا أن يذكرها له، وإن نقص الثمن.

.....

- المصدر: "الحلال والحرام في الإسلام" لفضيلة الشيخ.