سلوى الملا

* كان لي شرف الوقوف الى جانب كل من الشيخة موزا بنت ناصر والشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمد بن حمد آل ثاني في التقاط الصورة الجماعية لخريجي الدفعة الأولى لطلبة الماجستير تخصص سياسة عامة في الاسلام من كلية الدراسات الاسلامية بجامعة حمد بن خليفة.

* وكان حضور الشيخ القرضاوي تكريما له وكأحد اعضاء المجلس الاستشاري للكلية آنذاك، كما سبق تكريمه بتأسيس مركز القرضاوي للوسطية والتجديد والذي أُسِّس في عام 2008. وهو يعمل على تعزيز مفهوم الوسطية، وإحياء الفكر الإسلامي الوسطي، من خلال البحث العلمي. وتتمحور رؤيته حول إقامة مجتمع مبني على الوسطية، والتعاون المنفتح، والعدالة المستنيرة، مدعما بالمعرفة التي تتفاعل مع القضايا المعاصرة، كالديمقراطية، والاقتصاد، وحقوق الإنسان، ودور المرأة والعائلة، والمشكلات البيئية، وتحديات الحرب والسلام، والعنف، والإرهاب، والتخلف، والفساد.

* خلال فترة الثورات العربية برز اسم العلامة الشيخ القرضاوي كرئيس والمؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فخطبه وكلماته وصوته لها مهابتها واهميتها ولها من التأثير والصوت المسموع لدى القادة والتابعين.. يسمعه محبوه وكذلك من يخالفونه ويزعجهم وتوجعهم آراؤه وكلماته.

* تعرض فضيلته رحمه الله لسيل من الهجوم المبرمج عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، وناله من سهام كلمتهم وتجريحهم.

* أمام أشكال وصور الابتلاءات التي تعرض لها منذ سنوات شبابه، الا ان ذلك لم يمنعه من مواصلة العلم وطلبه والتأليف؛ ترك علما غزيرا وثمينا.. بأسلوب العالم الذي يفهمه العالم المتبحر بعلوم الفقة والشريعة ويفهمه الطالب المبتدئ.

* كمتابعة وقارئة وباحثة وجدت في مؤلفاته المراجع الغنية التي تخاطب العقول في كل زمان ومكان. أذكر منذ سنوات في أحد المؤتمرات التقيت وفدا من ماليزيا وكانوا يتحدثون عن الشيخ القرضاوي بكمية حب واعجاب وتقدير معبرين عن حظنا في دولة قطر أن يكون مثل هذا العالم الجليل يعيش بيننا وعلى أرض قطر التي احتضنته..

* فضيلته كان خير المعلمين والمجتهدين في زمننا بعلمه وحفظه لكتابه، كان استاذا جامعيا ومعلما وكاتبا وخطيبا وإماما لسنوات في صلاة التراويح والتهجد في مسجد الشيوخ، وكم كانت تحرص كثير من الامهات والاخوات للصلاة خلف الشيخ، كما اشتهر ببرنامج الفتوى لسنوات على تلفزيون قطر كما تميز ببرنامجه الشريعة والحياة على قناة الجزيرة..

* آخر جرة قلم: عند لحظة الموت تزول كل الخلافات، وتنسى وتتلاشى الصورة والاصوات السلبية، وتقف المشاعر الحزينة والدموع المودعة خلف الجثمان للصلاة والدعاء والوداع الاخير بكل أشكال مشاعر الحزن والفراق، فضيلته لم يكن يعني دولة معينة ولم ينتسب لدولة دون غيرها ولم يكن عالما حسب الأهواء وآراء السلطان..كان عالما وشاعرا ومعلما جليلا للعالم الاسلامي ونصيرا للفقراء والمظلومين، وتبنى قضية فلسطين … وغيرها من قضايا وهموم العالم الاسلامي في كل اطرافه..

رحم الله فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي وخالص العزاء لأسرته ومحبيه وطلابه في كل مكان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. يرحل الكبار ويبقى أثرهم خالدا

.....

- المصدر: الشرق، 29-9-2022