السؤال: ما حكم أكل الدجاج واللحوم المحفوظة التي تستورد من الخارج؟

جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
إن الدجاج واللحوم المحفوظة التي تأتي من الخارج أنواع: منها ما يأتي من عند أهل الكتاب، وهؤلاء قد أباح القرآن أكل طعامهم وذبائحهم، قال تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ} (المائدة:5).

ولكن بعض المسلمين يشترطون أن يكون قد عرفوا طريقة الذبح وأنه قد ذكر اسم الله عليه والبعض الآخر يتساهل في ذلك ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله بعضهم فقالوا: يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم، ولا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال: "سموا الله عليه وكلوا" (رواه البخاري). وقد أخذ بعض العلماء من هذا قاعدة هي أن ما غاب عنا لا نسأل عنه، فنحن لا نسأل عما غاب عنا. إنما إذا عرفنا الطعام أنه من أهل الكتاب أكلناه وسمينا الله عند الأكل وكفى بهذا.

أما ما يأتي من عند الشيوعيين فهذا أمر آخر، ذلك أن للتذكية شروطاً: بعض هذه الشروط في موضع الذبح، وبعضها في آلة الذبح وبعضها في الذابح نفسه، فليس كل ذابح تحل ذبيحته، إنما أجازه الشرع هو ذبيحة المسلم أو الكتابي.

وبعضهم أدخل من كان له كتاب فرفع، مثل المجوس، وإن كان جمهور الفقهاء لا يجيزون ذبح المجوس أيضاً. وقد ورد فيهم حديث للرسول صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم". الفقرة الأخيرة من الحديث: "غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم" جاءت بسند ضعيف، لهذا لم يأخذ بها أبو ثور وابن حزم وغيرهما، فأجازوا أن يأكل المسلم ذبيحة الكتابي ومن كان عنده شبهة كتاب كالمجوسي.

والذي نؤكده أنه لا يجوز ذبيحة أي ذابح؛ إنما يشترط في الذابح أن يكون مسلماً أو مؤمناً بكتاب سماوي، ذلك أن الذبح هو إزهاق لروح خلقها الله عز وجل وهذا الإزهاق، ليس مأذوناً به من قبل الله إلا لمن آمن به، وآمن بأن له وحياً، وآمن بأن هناك آخرة. وذلك المسلم والكتابي.

أما الذي ينكر الله ويجحد رسالته ولا يعترف لله بسلطان أي سلطان فهذا لم يعطه الله الحق أن يذبح مخلوقاً أو كائناً حياً، أو يزهق روح حيوان ما، وليس له هذا الحق، وليس عنده هذا الإذن؛ ولهذا حين يذبح المسلم يقول: باسم الله والله أكبر. أي أنني أذبح وأزهق هذه الروح مأذوناً من الله، عندي تصريح إلهي بإزهاق هذه الروح. وهذا الكائن الحي أقتله باسم الله. أما الذي لا يعترف بالله إطلاقاً فكيف يباح له هذا، وكيف يمنح هذا الحق، وكيف يعطي هذه الرخصة؟ ولم يعطه الله ذلك؛ ولهذا فالمرتد والملحد، الذي لا يؤمن بالله ولا برسالاته ولا بأي دين سماوي ولا بأي كتاب أنزله الله، ولا بأي نبي مرسل من الله، كالشيوعي، هذا لا تحل ذبيحته بالإجماع.

ومن هنا لا يجوز للمسلمين أن يأكلوا هذا الدجاج واللحوم التي ترد من عند الشيوعيين، فهي قد ذبحها قوم ينكرون الله عز وجل.
الأصل فيها ذلك. قد يوجد هناك مسلمون، أو نصارى، إنما الأصل، أن هذا المجتمع، مجتمع قائم على حرب الدين، وعلى حرب الله، وعلى إنكار الوحي، وإنكار الأديان، وعلى اعتبار الأديان مخربة ومعوقة ومحدرة للشعوب، لهذا ينبغي لأهل الأديان عامة، وينبغي للمسلمين خاصة أن يردوا لهم ذبائحهم ويقولوا لهم: ليس من حقهم أن تذبحوا ولا أن تقتلوا هذه الأرواح، ولا هذه الكائنات الحية، فلم يعطكم الله هذا الحق.

هذا ما أفتي به وأنا مطمئن في هذا الجانب. فلا يجوز للباعة والتجار المسلمين أن يستوردوا هذه الأنواع من اللحوم والدجاج وكذلك للمستهلكين، لا يجوز لهم أن يستهلكوها وينتفعوا بها. وبالله التوفيق