السؤال: هل يجوز لي أن أقتصر على الصلوات المفروضة فقط دون أن أصلي معها السنن؟

جواب فضيلة الشيخ:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الصلوات الخمس مفروضة ومكتوبة على كل مسلم ومسلمة، ولكن هناك سنن راتبة أي مؤكدة كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها، وشرع للمسلمين أيضا أن يواظبوا عليها.

والمسلم ينبغي أن يحرص على هذه السنن لعدة أسباب:

( أ ) منها: أنها تقربه إلى الله عز وجل، وتزيد رصيده عند الله تعالى. وإذا كان كل إنسان يحاول أن يزيد رصيده في "البنك" من المال والنقود؛ فلماذا لا يحرص كل إنسان أيضًا على أن يزيد رصيده من الحسنات عند الله تعالى.. وهو الباقي الخالد الذي ينفعه {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:88-89).

وقد جاء في الحديث القدسي: " ما تقرَّب عبدي إلي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها… الحديث) رواه البخاري.

(ب) ومن ناحية أخرى فإن الإعراض عن هذه السنن فيه شبه إعراض عن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب:21)، ومن أحب رسول الله اتبع سنته وأحياها. ومادام النبي عليه الصلاة والسلام قد واظب على هذه السنن، فمن حقه أن نحييها وأن نتبعها وألا نميت هذه السنن.

(جـ) وهناك أمر آخر، وهو أن هذه السنن هي تعويض لما عساه أن يحدث في أداء الفرائض من نقص ومن قصور.

من ذا الذي يزعم لنفسه أنه يصلي الفرض صلاة تامة كاملة بخشوعها وبآدابها كلها؟ لعل ذهنه يسرح، ولعل قلبه ينشغل عن الخشوع، ولعل بدنه لا يسكن في صلاته.. ولعله لا يؤدي للأركان حقها من الطمأنينة.

فإذا حوسب الإنسان يوم القيامة -وأول ما يحاسب عليه الصلاة- نظر في صلاته فإذا كان قد أدى الفرائض أداءً تامًا فيها، وإلا بحث عن السنن والنوافل.. فهناك يستكمل هذا النقص من النوافل.. فهي إذن عملية جبر وتعويض، لما يحدث في الفرائض من نقص أو خلل أو تقصير.

على أن المسلم الذي يقتصر على أداء الفرائض، لا إثم عليه ولا عقاب، إذا وفّاها حقها، ولم ينقص من أركانها وواجباتها شيئًا، وقد ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن حلف من الأعراب أنه لا يزيد عن الفرائض شيئًا ولا ينقص: "أفلح إن صدق"، أو: "دخل الجنة إن صدق"، وفي موضع آخر قال: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا".

وبالله التوفيق