د. أحمد الإدريسـي

نظم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مجلسَ عزاء وتأبـين وتذكير لفقـيد الأمـة وإمــام الوسطـــية العلّامــة يوسف القرضــاوي؛ المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

وذلك من خلال شبكـة الزووم (عـن بـعد) يــوم الجمـعة بتاريخ 3 ربيع الأول 1444هـ الموافـق 30 سبتمبر 2022م، من الساعــة الخامســة مسـاء إلى التاسعة مساء بتوقيـت مكــة المكرمـــة.

وقد شارك في هذا المجلس عدد من علماء الأمة والشخصيات الإسلامية.

وهذه كلمتي في مجلس التأبين هذا:

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وءاله وصحبه أجمعين. وبعد؛

أحيّـي الحضور الكرام كل باسمه وصفته، وأقول: أجارنا الله وإياكم، وأحسن الله عزاءنا جميعا في وفاة شيخنا وأستاذنا يوسف القرضاوي. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لقد عاش الدكتور القرضاوي حياة حافلة بالعطاء العلمي والفكري، فكان مثالا للعالم العامِل للإسلام، والفقيه المجاهد، والمفكر الرائد، والداعية الناصح.

كان رحمه الله كما وصفه بعض شيوخنا ممن صحبوه وتتلمذوا عنه؛ معلَمَـةً في العمق الفقهي والإفتاء الوسطي والرسوخ الأصولي، إضافة إلى الجهاد الفكري والتنوير الدعوي. كل ذلك كان يُبلغه بقوة الحجة وواسع الاطلاع، والاجتهاد في تيسير دين الإسلام وتبسيط شريعته دون تفريط ولا إفراط حتى عرف ب “إمام الوسطية والاعتدال”، في الإفتاء وتبليغ الأحكام، وفي الدعوة إلى الله، فكان له الفضل -بعد الله- على شباب الدعوة الإسلامية والصحوة المباركة التي ستستمر أنوارها وتسير نحو تحقيق أهدافها، بإذن الله تعالى، رغم تدبير الحاقدين وكيد الكائدين.

إضافة إلى هذا العطاء الفكري والعلمي، حيث تصدى للتأليف، فوصل عدد مؤلفاته أزيد من مائتي كتاب، وله مجموعة الأعمال الكاملة في أزيد من مائة مجلد، وقد بلغنا أنها ستصدر قريبا، بإذن الله تعالى.

قلت: إلى جانب هذا العطاء الغزير، كان رحمه الله مجاهدا بالكلمة الصادقة والحجة البالغة، وكان كذلك هو وثلة ممن عاصروه، أمثال؛ الشيخ محمد الغزالي، والإمام عبد السلام ياسين، والعلامة أبو الحسن الندوي رحمهم الله جميعا، وغيرهم من العلماء الدعاة المجاهدين، الذين لا يخافون في الله لومة لائم، إذ كانت لهم جولات ابتلاء مع الحكام الذين عاصروهم، فأوذوا وصبروا واحتسبوا حتى لقولوا الله عز وجل، بعزة وثبات على الحق.

السادة والسيدات أصحاب الفضيلة، علماءٌ ودعاةٌ ومحبو الشيخ القرضاوي؛

لقد ترك رحمه الله وصية غالية نقرؤها ونمعن النظر فيها، ونجتهد في العمل بها، ونتعاون على ذلك وفاءً لهذا العالم المجتهد الشهم.

وإن مما أوصى به توجهات بليغة وقاصدة؛ تُـنهض الهمم وتقوي العزائم لنقوم بواجبنا، قال رحمه الله: “أوصي إخواني العلماء والدعاة أن يكون ولاؤهم لله سبحانه ولدينه وحده، لا لقومية ولا لوطنية، ولا لأنظمة ولا لأحزاب ولا لأشخاص، إلا بمقدار اتصالها بالإسلام وقربها منه”. ثم قال: “وأن يجهروا بكلمة الحقِّ في وجوه الطغاة والمتألِّهين، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا سطوة ظالم، كالذين وصفهم الله بقوله: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (الأحزاب:39).

رحم الله شيخنا وأستاذنا رحمة واسعة ورفع مقامه، وجمعنا معه في أعلى عليين مع النيئين والصديقين والشهداء والصالحين.

اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله. ءامين والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وءاله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

.....

- المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين