بسم الله الرحمن الرحيم

رحيل شيخنا فضيلة الإمام العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله

ببالغ الحزن والأسى ودّعت الإنسانية عامة والأمة الإسلامية خاصة علمًا من أعلامها وعالمًا مربیًا، مجتهدًا ومجددًا، فضيلة الإمام العلامة الشيخ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي رحمه الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. وذلك بعد حياة مباركة أفناها في سبيل الإسلام وقضايا المسلمين، يصول ويجول بفكره الراقي ونصائحه الحكيمة ونظره الدقيق في التراث الإسلامي خاصة والإنساني عامة، متمسكًا بالأصول والثوابت، مؤسِسًا لفقه الائتلاف وفقه الاختلاف، رافعًا لواء سماحة الإسلام ناشرًا لفقه الواقع بوسطية نبوية سمحة تنظيرًا وتطبيقًا، تيسيرًا في الفتوى وتبشيرًا في الدعوة، فأفاد الله به العباد والبلاد.  

كان رحمه الله رجلًا بأمة وأمة في رجل، فاجتمعت في شخصه الكريم خصال قل ما تجتمع في شخص واحد. كان رحمه الله وعاء للقرآن وعلومه، بارعًا في الحديث ورجاله، متضلعًا في الفقه وأصوله، ومع هذا كله كان أديبًا شاعرًا، وخطيبًا مفوهًا، كل ذلك مع كرم النفس وجمال الخُلق ولين الجانب، وعفّة اللسان. شِعاره التسامح وحب الخير لكل الناس.

ترجل فارس المنابر المِغوار، رحل عنّا الإمام القدوة النَّظار وترك تراثًا علميًا وأدبيًا ضخمًا وفكرًا حادًا عميقًا وتعاليم حكيمة سمحة. رحل بجسده وخلَّف للدنيا منهجًا يُستنار به من بعده.

ففي هذا المصاب الجلل، يتقدم المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بشاتو شینون - فرنسا - بجميع مُنتسبيه بخالص العزاء إلى أهل بيت القرضاوي، إلى تلامذته ومحبيه، إلى أرض الكِنانة التي أنجبته، إلى دولة قطر التي احتضنته أميرًا وحكومةً وشعبًا، وإلى الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء. فعظّم الله أجركم وأحسن عزاءكم، ورزقنا وإياكم الصبر والسلوان وأخلفنا في مصيبتنا هذه خيرًا، فإنَّ فَقْدَ العالم كسرٌ لا ينجبر، وفتق لا يُرتق وثُلمَة في الدين لا يسدها شيء.

فوداعًا شيخنا العزيز الغالي، وعليك من الله سحائب الرحمة والمغفرة، فاللهم اغفر له وارحمه وأكرم نُزله ووسِّع مدخله وآنس وحشته. اللهم فرِّحه بلقائك واحشره في زمرة أوليائك من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

 

عميد المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بشاتو شینون - فرنسا

د. العربي البشري

28-9-2022