د. ربيعة بن صباح الكواري

(1)

رحم الله الشيخ يوسف عبدالله القرضاوي (1926 - 2022)، الذي غادرنا إلى الدار الآخرة بعد مسيرة عطاء في خدمة الدين والدعوة إلى الله لعقود طويلة امتدت منها في قطر لحوالي ستة عقود أو أكثر كانت مليئة بالأفراح والأتراح من أجل كتاب الله ونشر الدعوة وتبليغ رسالة ربه إلى كافة الملأ على وجه الكرة الأرضية، نسأل الله أن يتقبل منه خالص الأعمال إنه نعم المولى ونعم المجيب.

ذكريات كثيرة أحملها عن العلامة الجليل خلال فترة معاصرتي له، وخاصة في رحاب جامعة قطر ما بعد يناير 1984 وهي فترة دخولي كطالب للدراسة في الجامعة، حيث تخصصت وقتها في مجال الشريعة والدراسات الإسلامية وبعد مرور فصل الخريف انتقلت للدراسة في كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية (كلية الآداب والعلوم حالياً).

هذا بجانب تأسيسه للمعهد الديني الإعدادي والثانوي في وزارة معارف قطر في ستينيات القرن الماضي.

(2)

وأولى الذكريات كانت تتعلق بغيرة الشيخ القرضاوي على الاهتمام بتأسيس كلية الشريعة بجامعة قطر الوطنية التي أنشئت عام 1977 م، ومن ثم انطلقت في تخريج الأفواج تلو الأفواج لسوق العمل في عهده الميمون كأول عميد قطري للكلية حينها.

وكانت أبرز هموم القرضاوي هو الاهتمام بتخريج الأئمة والخطباء والدعاة من القطريين وغير القطريين لسوق العمل سواء في داخل أو خارج قطر.. فقد خرّجت الكلية العديد من الوزراء والدعاة الذين عملوا في قطر وخارجها، وأثبت الكثير منهم كفاءته في سوق العمل وأتذكر منهم “فيصل آل محمود وزير الأوقاف والوزير محمد عبداللطيف المانع وغيرهما كثير.. هذا بجانب تخريج بعض العلماء والدعاة وأصحاب الفتاوى الشرعية الذين أبلوا بلاء حسنا في سوق العمل فكانوا من المتميزين في عطائهم حتى الآن.

(3)

من الخطوات الجيدة التي كانت تحسب للشيخ القرضاوي توجيهه لمجلس الشورى بالاهتمام بتخريج الخطباء القطريين وتوظيفهم في مساجد وزارة الأوقاف في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم وهي فكرة لاقت ترحيباً من الشورى في عهد أمير قطر في تلك الفترة سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني طيب الله ثراه.

وقد تم وضع اتفاق شراكة مع الجامعة في عهد رئيسها الراحل الدكتور محمد إبراهيم كاظم الذي كان مهتماً بهذا المقترح في مجال تقطير الخطباء وأئمة مساجد قطر بالرغم من أن الغالبية من الخريجين كان يفضل الوظيفة الإدارية ولا يقبل الخطابة والإمامة.

(4)

عمل ضمن جامعة قطر في فترة رئاسة القرضاوي لكلية الشريعة خيرة أعضاء هيئة التدريس من العرب وخاصة من مصر مثل دار العلوم وجامعتي القاهرة والأزهر في مجالات:

- الفقه

- الحديث

-  التفسير

- السيرة

- الدعوة.

وكانت الكلية يشار إليها بالبنان كأفضل كلية في الدراسات الإسلامية من ناحيتي المنهج وطرق التدريس وحسن اختيار الأساتذة من كافة الجامعات العربية بسبب تنوعها واختلاف مدارسها.

وأتذكر من هؤلاء الأساتذة:

 - علاي لسالوس

- أحمد حمد

- حامد طاهر

- إسماعيل الطحّان

- عبدالستّار نويرة

- محمد كمال جعفر

- عبداللطيف زايد

- حسن عبدالظّاهر

- صلاح شلبي

- رؤوف شلبي

- عبدالله العبّادي

- عبدالحميد الأنصاري

- يوسف الصدّيقي

- محمد صالح الشيب

- حامد ملا حامد

- أحمد الحمّادي.. وغيرهم كثير.

(5)

برنامج “هدي الإسلام“ من البرامج الهادفة والناجحة التي قدمها تلفزيون قطر ولاقى نجاحاً واسعاً على مدة عقود، خاصة أنه كان يجيب على أسئلة واستفسارات المشاهدين الدينية وكل ما يتعلق بشؤون الحياة اليومية، فكان البرنامج يشاهده جميع سكان الخليج وكان في وقت العصر والمساء وهو أفضل وقت لمتابعته في تلك الأيام.

وفي مجال الإذاعة والصحافة فكانت تفرد له مساحة شاسعة أيضا لمتابعة فتاواه الدينية في شتى جوانب الحياة وخاصة في شهر رمضان المبارك.. كما خاض العديد من المعارك الصحفية ضد من يتهجم على الإسلام ورسوله الكريم وكان منتصراً في كافة الأحوال عليه رحمة الله خاصة في بعض الصحف القطرية بفترة الثمانينيات مثل (الشرق والعرب والراية).

(6)

وقد كان القرضاوي مهتماً بكتابة الشعر الفصيح وقد صدر له ديوان شعر مستقل.. كما أدار بعض اللجان والمجالس العلمية على المستويين المحلي والخارجي لعقود طويلة.. إنها مسيرة خالدة في خدمة الإسلام داخل وخارج قطر لا تتسع هذه المساحة لسردها في بضعة أسطر ولنا معها وقفة مستقبلية بإذن الله تعالى إن كان في العمر بقية.

ويذكر بعض الدعاة أن الشيخ القرضاوي هو صاحب فكرة تأسيس “مركز فنار“ وهو مركز ثقافي يهتم بنشر تعاليم الإسلام واللغة العربية وسمي بعد ذلك مركز الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي في قطر.. وله أيضاً مركز القرضاوي للوسطية التابع لكلية الشريعة بجامعة قطر.. وللقرضاوي موقع رسمي على الإنترنت.

(7)

كلمة أخيرة:

تقول الحكمة الشائعة:

تفنى الجسوم.. وتبقى الرسوم

.....

- المصدر: الشرق القطرية، 5-10-2022