السؤال: هل يصح الحج في سن الرابعة عشرة؟ وإذا حج في هذه السن، ثم فعل منكرًا بعد ذلك فهل تبطل حجته؟ ويطالب بحجة أخرى؟

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..

 الحج في الصغر له ثوابه عند الله للصغير ولمن حج به، وفي حجة الوداع رفعت امرأة صبيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر، ولكن هذا الحج لا يسقط الفرض ولا يغني عن حجة الإسلام الواجبة على من استطاع إليه سبيلا والحج في سن الرابعة عشرة - إذا لم يكن الشخص قد بلغ بالاحتلام - فهذه الحجة لا تغني عن حجة الإسلام المفروضة، فإن الحجة التي هي فرض، لا بد أن تتحقق بعد البلوغ، والبلوغ إما بالسن، وهو يكون في تمام الخامسة عشرة.. وإما بالاحتلام فإذا لم يكن كذلك، فلا بد من أن يحج مرة أخرى.

فإذا فعل منكرا بعد أداء فريضة الحج، فإن ذلك المنكر لا يبطل الحجة لأن فعل الحسنات لا يبطله ارتكاب السيئات، وإن كان ينقص من ثمرته ويقلل من ثوابه؛ ذلك لأن الله عز وجل يحاسب الناس على كل صغيرة وكبيرة، من طاعة أو معصية، والميزان يوم القيامة هو الحكم، حيث توضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة، ويتبين أيهما أثقل، فيكون إما محسنا أو مسيئا، وعلى ذلك يترتب الثواب والعقاب {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} )الزلزلة:7-8)، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء:47).

والمطلوب من المسلم أن تكون حجته صادقة مبرورة، وأن يظهر أثرها في نفسه وسلوكه بعد الحج، فيتوب وينب إلى الله، ويعمل الصالحات ولا يعود إلى سيرته الأولى إن كان ممن ظلموا أنفسهم، وارتكبوا شيئا من الموبقات، بل يجعل صفحته بيضاء، وصلته بالله وثيقة، وتلك هي ثمرة الحج المرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة.

فإذا كان صاحب السؤال قد حج قبل البلوغ والاحتلام، فعليه أن يحج مرة أخرى لأداء الفريضة، والله يتقبل منه إن شاء الله، وأدعو له بالتوفيق.