أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى رئيسه العلامة القرضاوي، من حرمة الخروج والانقلاب على الشرعية والرئيس الشرعي المنتخب، وبطلان الإجراءات التي اتخذت لعزله شرعاً.

وندد الاتحاد بشدة بإخفاء الرئيس الشرعي، وتهديده بالملاحقة القضائية، وبالهجمة الشرسة على الاسلاميين، وايداع بعضهم في السجن، بمن فيهم رئيس البرلمان المصري المنتخب، وبعض أعضائه، الذين نالوا ثقة الشعب المصري في انتخابات نزيهة، الأمر الذي "ينذر بشر مستطير إن لم يتداركه العقلاء".

وقال بيان الاتحاد بهذا الصدد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

تابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين باهتمام كبير، وقلق بالغ، تطورات الأحداث والوضعية الجديدة في مصر، وما تزامن معها من زيادة التوتر، والاحتكاك بين المحتشدين في الشوارع و الميادين، أو بينهم وبين رجال الأمن، حيث سقط قتلى وجرحى كلهم من أبناء الشعب المصري العزيز... أو تخريب منشآت هي من مرافقه ومنجزاته... أو التعدي على حرمات الناس والتعرض لحرياتهم، وحقوقهم المكفولة بالشرع والقانون، ثم ما ترتب على ذلك من الانقلاب على الشرعية بصورة غير دستورية، وما صحبه من قمع وكبت ومنع لوسائل الإعلام واقتحام الأمن لمقراتها بصور همجية، وأخطر من ذلك الهجمة الشرسة على الإسلاميين الذين نالوا ثقة معظم الشعب المصري في الانتخابات الحرة النزيهة، حيث أودع معظم قياداتهم في السجن، بالإضافة الى حرق مقراتهم، وقتل عدد منهم أمام مسمع ومرأى قوات الأمن والشرطة، وغير ذلك مما ينذر بشر مستطير إن لم يتداركه العقلاء، وأخوف ما نخاف أن ينفد صبر هؤلاء، أو يستغل ذلك من قبل الأعداء فتتكرر مأساة الجزائر مع الإسلاميين وتغرق مصر في بحر من الدماء الفتن– لا سامح الله – (وحفظ الله مصر).

وأمام هذا الوضع الخطر فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يؤكد على ما يلي:

1- يؤكد الاتحاد بمجلس أمنائه، وعلمائه، وأمانته العامة، فتوى رئيسه العلامة القرضاوي، من حرمة الخروج والانقلاب على الشرعية والرئيس الشرعي المنتخب، وبطلان الإجراءات التي اتخذت لعزله شرعاً، لأن ما يبنى على الباطل فهو باطل للأدلة الشرعية والدستورية التي ذكرت في الفتوى.

2- وفي الوقت نفسه يدعو الاتحاد بقوة إلى ضرورة نبذ العنف، ومنع الاعتداء من الجميع على الأموال الخاصة والعامة، وعلى الأنفس والأعراض.

ويناشد الجميع أن يتقوا الله في الأنفس والأعراض والأموال، التي حرمها الله تعالى كحرمتها في البلد الحرام، والشهر الحرام، والبيت الحرام، والله الله في إراقة الدماء فقد قال تعالى "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسَادٍ فِى الأَرضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَن أَحيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحيَا النَّاسَ جَمِيعًا" (سورة المائدة-32)، وقال تعالى "وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" (سورة النساء -93). والأحاديث الكثيرة الدالة على أن حرمة المؤمن أكبر من الكعبة المشرفة، وأنه (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)، لذلك نطالب الجميع: الشرطة، والعسكر، والمتظاهرين، بالحفاظ على سلمية المظاهرات، ومنع المفسدين والمندسين والبلطجية من تعكير أجواء الديمقراطية والسلمية، فهذه هي مسئولية الجيش، والأمن، والشرطة، بصورة خاصة، كما أنها مسئولية كل مسلم، وكل مواطن بشكل عام.

3- يندد الاتحاد بما صاحب عملية العزل غير المشروع من القمع، والكبت، وغلق بعض قنوات التلفاز، واقتحام قناة الجزيرة بمصر ونحوها، من الإجراءات القمعية التي لا تتناسب مع الاسلام، والحضارة المصرية العريقة، وحقوق الانسان، وكرامته.

كما يندد الاتحاد بشدة بإخفاء الرئيس الشرعي، وتهديده بالملاحقة القضائية، وبالهجمة الشرسة على الاسلاميين، وايداع بعضهم في السجن، بمن فيهم رئيس البرلمان المصري المنتخب، وبعض أعضائه، الذين نالوا ثقة الشعب المصري في انتخابات نزيهة.

4- يدعو الاتحاد الشعب المصري العظيم، وبخاصة الثوار الذين اتحدوا على أهداف ثورة 25 يناير المجيدة، إلى الالتفاف حول هذه الأهداف، وحماية ثورتهم ومكتسباتها العظيمة والديمقراطية، والقضاء على الظلم والفساد والطغيان وفاءاً لدماء الشهداء وتضحيات الشرفاء من أبناء مصر الذين ضحوا من أجل الحرية والكرامة والعدالة والاستقرار.

5- يطالب الاتحاد حكماء مصر وعقلاءها بالتدخل الفوري لعودة الشرعية، وحماية مصر العظيمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، كما يطالب كل أحرار العالم والمدافعين عن قيم الحرية والديمقراطية والحياة الدستورية للتدخل السلمي الايجابي لحماية القيم الانسانية المشتركة، وعودة الحق إلى أصحابه، واحترام ارادة الشعب المصري مرتين، مرة باختيارهم الرئيس، ومرة بموافقة حوالي الثلثين على الدستور، وإذا أهينت إرادة الشعب فأيّ خير يبقى، وأيّ مصلحة موهومة ترجح؟!!

و من غير المنطق أن يطالب التحالف الوطني لتأييد الشرعية بالعودة إلى بيوتهم ومساجدهم، وهم يطالبون بعودة الشرعية واحترام إرادة الشعب المصري العظيم، ولا يطالب الآخرون بالعودة إلى الحق والشرعية؟

6- يثمن الاتحاد مواقف الدول التي وقفت مع الشرعية بالدعم والتأييد، ولا سيما في هذه المرحلة الحرجة، ويتمنى الاتحاد من جميع دول العالم الديمقراطية الحرة والمحبة للسلام أن تتعامل مع قضية الشرعية الدستورية في مصر بمنطق الشفافية والوفاء والصدق بعيداً عن الازدواجية والانتقاء.

7- يحذر الاتحاد دول المنطقة وشعوبها من خطورة السكوت والتغاضي عن انتهاك الشرعية الدستورية والانقلاب عليها فإن الخروج المسلح على شرعية الدستورية والانتخابية يشكل سابقة خطرة يمكن أن تهدد أمن واستقرار المنطقة.

8- يهيب الاتحاد بجميع الاخوة الكرام الذين وقفوا مع الشرعية من الاسلاميين وغيرهم من أطياف المشهد السياسي في مصر أن يحافظوا على سلمية المظاهرات، ومنع المندسين لإحداث الفتن، فالله الله في إراقة الدماء، والاعتداء على الأموال والأعراض، فهذه الاشياء من المحرمات الخطيرة.

ولا نشك في أن الله ناصر جنده، ودينه، ولكن لكل أجل كتاب ولكل شيء قدره، كما أنه ابتلاء عظيم آخر يأتي بعده النصر القريب بإذن الله تعالى.

{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

7/7/2013

أ.د علي القره داغي                          أ.د يوسف القرضاوي

الأمين العام                                رئيس الاتحاد