د. حسن فوزي

د. حسن فوزي

الحديث عن علم من أعلام هذا العصر؛ بل من أعلام الأمة, يجعل الكاتب في حيرة: أي جانب يتناول من جوانب إبداعات الشيخ وتميزه, وأي مورد من موارد إسهاماته وعطائه, فللشيخ سجل حافل من الإنجازات, وله تاريخ وافر من العطاء.

لم يتميز الشخ بالحفظ, وإن كان حافظًا! ولم يتميز بفن واحد وإن كان له قصب السبق في العديد منها, ولكنه كان رجل الفنون, وموسوعة العلوم, أينما بحثت عنه وجدته, وفي أي علم طلبته أغاثك, هذا هو القرضاوي.

فهو فقيه أصولي, محدث مفسر, متكلم صوفي, نحوي لغوي, خطيب واعظ, عالم بمستجدات عصره, يدرك التيارات المختلفة وما تموج به, ويوجه بوصلة العمل الإسلامي نحو آفاق البناء, جامعًا بين الأصالة والمعاصرة, مرشدًا الصحوة الإسلامية من آفات تحاول إجهاضها, بالجهل حينا, والتعمد أحيانا.

لا يخشى في الله لومة لائم, يقول الحق عندما يجبن الأفذاذ, ويرتفع به صوته عندما يتخافت الشجعان, يلهب حماسة المسلمين, وأعواد المنبر تهتز من تحته, ويحافظ على دعوته أن تتسرب إليها آفات التشدد أو الانحراف, برأي دخيل, أو فكرة شاذة.

يعف لسانه عن تناول خصمه -وإن كثروا-, ويقابل الإساءة بالصفح, والسب الصريح بالتغافل, ويقول بلساني الحال والمقال: لو تفرغت للرد على كل من أساء إلي, فلن أقرأ سطرًا, أو أكتب كلمة.

ويصدق فيه قول المتنبي:

فإن تفق الأنام وأنت منهم                               فإن المسك بعض دم الغزال

وخلاصة قولي في الشيخ: أن الله تعالى اصطفاه لأمر قدره, رفع به شأنه, وقدمه على أقرانه, وربما على من هو أعلم منه, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, ليقوم بواجب العصر الذي ناء به كواهل غيره.

عندما أتوقف أمام شخصية الشيخ يوسف القرضاوي, وهو بشر: يصيب ويخطئ, يوفق ويزل, يدرك ويغفل, إلا أنه قد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره في هذا الزمان.

لا أدعي فيه عصمة وإن قل زللـه، ولا يحتاج لإطراء مثلي وإن لم أوفه حقه, وأنا أكثر الدعاء له, أن يلهمه الرشد والسداد, وأن يجري الله الحق على لسانه وقلمه.. آمين.

عندما تتتبع من كتبوا عنه يستوقفك قول أستاذه الشيخ الغزالي رحمه الله, وهو يتحدث عنه قائلا: لقد سبق سبقًا بعيدًا!

وثناء شيخه مصطفى الزرقا رحمه الله حين قال عنه: حجة العصر, وهو من نعم الله على المسلمين.

وتتناثر أقوال المغترفين من منهجه, فتجد عبارات مثل: مجدد العصر.. رجل المرحلة.. حامل لواء التيسير.. فقيه المقاصد.. العلامة المجدد.. فقيه الوسطية.. شاهد القرن.. المصلح المجاهد.. الأديب الشاعر.. الفقيه الداعية البصير بالواقع المعيش.