فتاوى المرأة المسلمة

تحميل الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

أما بعد ...

فهذه الرسالة من «رسائل ترشيد الصحوة» الإسلامية، تتضمن جملة من الفتاوى، كلها تتعلق بالمرأة المسلمة في عصرنا.

وقضية المرأة من أعظم قضايا العصر خطرًا، وأبعدها أثرًا؛ لما للمرأة من دور كبير في حياة الأسرة، وحياة المجتمع، ولا يمكن صلاح المجتمع ولا الأسرة، إذا لم تصلح المرأة، وقد بينا في رسالة سابقة مكانة المرأة في الحياة الإسلامية: إنسانًا وأنثى وأمًا وابنة وزوجة وعضوًا في المجتمع، وفي رسالة أخرى بينا حكم النقاب بين القائلين ببدعيته، والقائلين بفرضيته.

وهذه المجموعة من الفتاوى تجيب عن عدة أسئلة هامة تشغل نساء هذا العصر، كما تشغل رجاله كذلك، أعني من يهمهم أمر دينهم، وإرضاء ربهم، ومعرفة حلال الله من حرامه.

ما معنى التحذير من فتنة النساء، وأنهن أضر شيء على الرجال؟

وهل صوت المرأة عورة، كما يشيع لدى بعض المتدينين؟ وما حكم نظر الرجل إلى المرأة، ونظر المرأة إلى الرجل؟

وما حكم «الاختلاط» بين الجنسين؟ وهل كل اختلاط حرام؟

وما حكم إلقاء السلام على النساء، وخصوصًا ممن له صلة بهن كالجار أو الأستاذ أو الزميل؟

وما حكم الشرع في عيادة المرأة للرجل المريض غير المحرم، أو الرجل للمرأة المريضة؟

وما الموقف الشرعي من مصافحة الرجل للمرأة، أو المرأة للرجل غير المحرم إذا دعت لذلك حاجة وأُمنت الفتنة؟

وما الحكم في عمل المرأة خارج منزلها؟ وإذا كان جائزًا فما ضوابطه شرعًا؟

هذه الأسئلة المهمة التي لا توجد مسلمة حريصة على دينها، مهتمة بأمر آخرتها إلا وهي تسأل عنها، وتود معرفة جوابها ممن تثق به من العلماء.

وها نحن قد أجبنا عنها بهذه الفتاوى المبنية على أدلة القرآن والسنة، ومراعاة مقاصد الشرع في تحقيق مصالح الخلق، فاقرأها يا أخي المسلم قراءة من يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال.

ولا تظن أنا ننشد التيسير في فتاوينا إتباعًا لهوى أحد من الناس، بل لأن الشريعة قائمة على اليسر لا على العسر، والحرج منفي عن أحكامها قطعًا، وقد تبين لنا بالاستقرار: أن العالم كلما تعمق في فقه الشريعة تبين له يسرها، وسهولتها ووفاؤها بحاجات الناس في كل زمان ومكان. فهي - كما قال الإمام ابن القيم: رحمة كلها، عدل كلها، حكمة كلها، مصلحة كلها، وأي مسألة خرجت فيها من الرحمة إلى ضدها، ومن العدل إلى الظلم، ومن الحكمة إلى العبث، ومن الحكمة إلى العبث، ومن المصلحة إلى المفسدة، فليست من الشريعة في شيء، وإن أدخلت فيها بالتأويل.

اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنما تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

الدوحة في جمادي الأولى 1416هــ - أكتوبر 1995م.

الفقير إلى مولاه

 يوسف القرضاوي