شعار الاتحاد

بيان اجتماع الدوحة في 28 إبريل 2011:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين، وبعد

فيعقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اجتماع مكتبه التنفيذي الأول لدورته الثالثة بالدوحة بحضور أعضائه، ورؤساء اللجان، والأمة تعيش تطورات متسارعة وتغييرات مهمة لم تشهد لها مثيلا منذ سقوط الخلافة العثمانية متمثلة في انطلاق ثورات شعبية سلمية مطالبة بالحرية والكرامة ورفض الظلم والاستبداد وحكم الفرد الواحد والحزب الواحد.

وهذه الثورات الشعبية منها ما قد نجح وأزاح المستبدين وأصبح يتطلع إلى بناء نظام جديد يقوم على الحرية في الاختيار والتعددية والديمقراطية، في كل من تونس ومصر، في حين لازالت بلاد أخرى تقاوم وتقدم التضحيات من الشهداء والجرحى والمعتقلين في كل من ليبيا واليمن وسوريا، بينما يتململ معظم بلاد العرب الأخرى وتتحفز للثورة في الوقت المناسب في بلاد أخرى.

وأمام هذه التحولات والتطورات؛ فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى أن من واجبه واستحضارا لمسؤوليته في الجهر بكلمة الحق وإسداء النصح إلى الأمة حكاما ومحكومين، أن يبين ما يلي:

أولا: فيما تعلق بالشأن التونسي والمصري:

لقد تابع الاتحاد من خلال رئيسه العلامة الشيخ يوسف القرضاوي وأمينه العام الشيخ الدكتور علي محيي الدين القره داغي واعضاء قيادته، هاتين الثورتين العظيمتين بكل اهتمام، إذ أصدر عددا من البيانات والتصريحات وألقى الخطب التي شدت بأزر الثائرين والوقوف مع الشعبين والتأكيد على مشروعية حركتهما الاحتجاجية ومطالبهما العادلة في التغيير {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]، وتطلعهم إلى حكم رشيد يتميز بالحرية والتداول والعدالة الاجتماعية ومقاومة الفساد والظلم والمحافظة على ثوابت الامة ودعم تحرير فلسطين.

وقد وفق الله هذين الشعبين بنجاح ثورتيهما وإزاحة الحكام الظلمة والانطلاق في عملية تفكيك آلة الاستبداد والفساد التي بنيت على امتداد عقود، وهذه العملية لا تقل صعوبة ومخاطر من الثورة ذاتها وأمام هذه المتغيرات فإننا نؤكد على ما يلي:

- ضرورة الانتباه والحذر من كل محاولات الالتفاف والانقلاب على مطالب الثورة من قبل بقايا أنظمة الاستبداد والفساد وأصحاب المصالح المستفيدين من استمرارية تلك الأنظمة، وكذلك من المخططات التي تحيكها بعض الدول التي غاظها وأربكها ما توصلت إليه هاتان الثورتان وفي مقدمتها دولة العدو الصهيوني التي خسرت بنجاح هاتين الثورتين أهم حليفين لها في المنطقة مبارك وبن علي {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[البقرة:105]. {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران:120].

- كما ندعو كل أنصار الثورتين والغيورين عليهما إلى التحلي بالحكمة وعدم الاستعجال في عملية الانتقال، والعمل على التوازن بين الضغط على القائمين على تسيير الأمور في كلا البلدين، والبقاء في حالة استعداد وانتباه وتعبئة للجماهير للدفاع عن مكاسب الثورتين، وفي المقابل عدم الانجرار إلى الافراط في الضغط والتظاهر ونشر مظاهر الفوضى والاندفاع الى طرح كل المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية دفعة واحدة، مما قد يهدد أمن واستقرار البلدين، مع توصيتنا بالبقاء على حالة من اليقظة والحذر، والاستعداد التام للتظاهر مرة أخرى إذا لم تتحقق مقاصد الثورة، وأهدافها.

- ندعو الأمة الأسلامية جمعاء وبخاصة علماؤها وسياسيوها إلى توعية الجماهير والتعبئة الدائمة لقوى الشعب حتى الوصول إلى تحقيق مقاصد الثورة وأهدافها بالكامل.

- نؤكد أن أي عملية تجديد أو تأسيس للدستور أو للقوانين المنظمة للحياة السياسية والاجتماعية عليها أن تحترم الهوية العربية الإسلامية للشعوب وعدم مس ثوابت الأمة بأي شكل من الأشكال، كما ندعو إلى واجب استفتاء الشعبين على ما يسن من دساتير ومن خيارات إستراتيجية كبرى.

- ندعو إلى دعم مصر وتونس استثماريا وسياحيا حتى تحقق هاتان الثورتان أهدافهما، ونخص بالذكر هنا ضرورة الدعم الاستثماري من خلال بنوك وشركات وإقامة مشروعات استثمارية وتشجيع المسلمين للسياحة في مصر وتونس، وكذلك ندعو الجمعيات الخيرية لإقامة مشروعات خيرية في البلدين.

ثانيا فيما تعلق بالشأن الليبي:

لقد عانى الشعب الليبي كغيره من بقية الشعوب العربية من الحكم الفردي والظلم والحيف الاجتماعي وتفشي الفساد فعلى امتداد 42 سنة وهو يقاد من قبل حاكم واحد بيد من حديد حتى أصبح يقدم ابنه كوجه مرشح لوراثته وكأن هذه البلاد وشعبها ملك شخصي له ولأسرته. في ظل هذه الأوضاع وتأثرا بنجاح الثورة التونسية والثورة المصرية من حوله قام هذا الشعب وثار ضد هذا المستبد وهذه الأسرة المتسلطة على رقابه طيلة هذه العقود الأربع، وكان الإتحاد قد أصدر أكثر من بيان منذ انطلاق ثورة هذا الشعب المباركة وهو اليوم يعيد التأكيد على النقاط التالية:

- الإدانة الكاملة لما تقوم به كتائب القذافي والمرتزقة التابعة له من ممارسات وسلوكيات إجرامية تستبيح دماء الشعب وممتلكاته وحرماته، مما لا يقوم به عادة إلا المستعمرون، من قتل وترويع للمواطنين الآمنين.

- تأكيد الطابع الشعبي السلميّ للثورة الليبية حتى وإن تحولت إلى ثورة مسلحة،ردا على وحشية النظام دفاعا عن النفس، ومن هذا المنطلق فإننا ندعو الإخوة الليبيين إلى المحافظة على الطابع الشعبي السلمي قدر الإمكان، وذلك بتكثيف التظاهر والخروج والاعتصام في شوارع جميع المدن.

- يدعو الاتحاد المجاهدين الثائرين إلى ضرورة الحفاظ على القيم الإسلامية في الحرب من حيث احترام حقوق الأسرى والجرحى، وحماية الأموال العامة، والخاصة.

- يحيي الاتحاد الجامعةَ العربية ودولَ مجلس التعاون الخليجيّ وبعض الدول الغربية والمنظمات الدولية على مواقفها الداعمة لثورة الشعب الليبي من خلال رفع الشرعية عن نظام القذافي والقبول بفرض حصار جوي من قبل الأمم المتحدة ضد طيران القذافي، والتوجه نحو الاعتراف بالمجلس الوطني الإنتقالي للثورة، وندعوها إلى التقدم خطوة أخرى بإعلان الاعتراف رسميا بهذا المجلس ممثلا شرعيا للشعب الليبي، كما نحثُ كلَّ الدول العربية والإسلامية إلى الاعتراف بهذا المجلس، والعمل على تسليح الثوار من أجل رفع القدرات القتالية لهم وتعديل ميزان القوى في السلاح الذي هو في صالح كتائب القذافي بشكل كبير.

- أن أي حل للأزمة الليبية الراهنة لا يطرح رحيل القذافي وأسرته عن المشهد السياسي في ليبيا هو حل غير عادل وغير معقول، فكيف يقبل امكانية جمع حاكم وأبنائه يخوضون حربا لا هوادة فيها ضد شعب أعزل لا يطلب سوى الحرية والعيش بكرامة، مع هذا الشعب؛ بعد الذي حصل من إجرام وقتل فاق اليوم 10 آلاف على مدى شهرين فقط؛ وعليه فإن الحل العادل والمطلوب هو ازاحة القذافي وأبنائه وترك الشعب الليبي يقرر شأنه ومصيره بنفسه.

ثالثا: في الشأن اليمني:

تدخل الثورة اليمنية الشبابية السلمية شهرها الثالث وهي تزداد قوة وإصرارا على إزاحة حكم الإستبداد وتغيير النظام الجاثم على رقاب هذا الشعب العظيم لما يفوق ثلاثة عقود مقربا أفراد اسرته وأقاربه وجعلهم في المواقع الأمنية والعسكرية المهمة، ومما زاد هذه الثورة الشبابية قوة واحتراما هو اصرارها على أن تكون سلمية رغم ما يقوم به النظام الحاكم من استفزازهم باستعمال السلاح ضدهم وقتل العشرات منهم، وكذلك بالرغم مما عرف به الشعب اليمني من انتشار للسلاح لا مثيل له لدى كل الشعوب العربية، ولهذا فإننا في الاتحاد نحيي هذا الوعي المتقدم لشباب هذه الثورة، وإضافة لما عبرنا عنه في تصريحاتنا وبياناتنا السابقة حول هذه الثورة فإننا نؤكد الآتي:

- أنه لا شرعية لأي حاكم يطالب بترحيله جماهير شعبه من خلال ثورة عارمة اجتاحت كل البلاد بالرغم مما يدعيه بأنه وصل إلى الحكم من خلال الانتخابات المباشرة. إننا نؤكد بأنه لا شرعية فوق شرعية الشعوب نفسها التي هي أهل العقد، كما أنها أهل للحل والعزل وسحب الشرعية فهي الوحيدة التي بإمكانها أن تقبل أو ترفض من يحكمها، فحتى إذا سلمنا بنزاهة الانتخابات التي وصل بها إلى الحكم؛ فإن الشعب اليوم قرر رحيله، والحال أنه في سدة الحكم طيلة 3 عقود فما عليه إلا أن يستجيب لمطالب هذا الشعب.

- نحي الإخوة في دول مجلس التعاون الخليجي على حرصهم على اليمن ونطلب منهم الاستمرار في المبادرة إلى أن تحقق مطالب الشباب في ميدان التغيير والشعب اليمني.

- ندعو كل الأطراف إلى مزيد العمل على توحيد الشعب اليمني شبابا وأحزابا سياسية، ورفض كل أشكال التفرقة والانقسام بأي شكل من الأشكال حتى تنجح هذه الثورة في توحيد ما عجزت عليه حكومة على عبد الله صالح من توحيد بين الشمال والجنوب وبين كل مذاهب الشعب اليمني.

رابعا: في الشأن السوري:

بالرغم من الخصوصية السورية ممثلة في مواجهتها للعدو الصهيوني، وفي احتضانها لحركات المقاومة الفلسطينية ودعمها للمقاومة فإن هذا لا يتناقض مع انفتاح النظام على الشعب داخليا ويحترم إرادته في التعبير ومطالبه المشروعة في الحرية والديمقراطية والكرامة والتداول السلمي على السلطة، ولكن ردة فعل السلطات السورية تجاه المظاهرات السلمية التي قامت في عدد من المدن السورية مطالبة بالإصلاح كان ردا عنيفا لا مبرر له مما تسبب في قتل عدد كبير من المواطنين بغير جرم اقترفوه إلا أنهم أرادوا أن يعبروا عن آرائهم وتطلعاتهم للاصلاح والتغيير.

وكان الاتحاد قد أصدر أكثر من بيان وتصريح حول ما يجري في سوريا، وإذ يؤكد المكتب التنفيذي كل ما صدر في هذه البيانات والتصريحات فإنه يؤكد على ما يلي:

- خطورة الوضع في سورية حيث بلغ عنف الحكومة مع شعبها إلى مرحلة تكاد تصل إلى مرحلة جرائم الحرب، خاصة ما حصل في مدينة درعة يوم الإثنين 25 إبريل من هجوم بالدبابات وانتشار للجيش واطلاق الرصاص عشوائيا وقطع الماء والكهرباء عن كل المدينة

- ندعو مرة أخرى القيادة السورية والجيش السوري الذي أعد لمواجهة العدو، وليس لمواجهة أبناء الشعب، إلى حماية المتظاهرين العزل والكف عن اطلاق الرصاص عليهم، والاستجابة إلى مطالبهم المشروعة، حقنا للدماء، ومنعا للتدويل وإبقاء لقوة الشعب أمام العدو الصهيوني .

- ندعو القوات المسلحة السورية والقوى الأمنية إلى رفض اطلاق النار على المواطنين المسالمين، فليس هناك شيئ في الإسلام – بعد الكفر- أشد من إراقة الدماء {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]، كما أن على القيادة السورية أن تتعظ بمن سبقوها في الظلم والفساد، قال تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:6-14] وأن تتعظ بما حدث في تونس ومصر.

- التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، والابتعاد عن كل ما يفرق الشعب والنسيج الوطني

خامسا: في العلاقة بين إيران ودول الخليج:

تشهد منطقة الخليج حالة من التوتر والاحتقان نتيجة لبعض التصرفات، حيث تتجه نحو مزيد من التصعيد بين دول الخليج وإيران، وقد زادتها تطورات الأوضاع في البحرين وما عرف بقضية " التجسس في الكويت"، التي اتهمت فيها دولة الكويت إيران. في ظل هذه العلاقات المتوترة التي يمكن أن تتحول إلى حرب معلنة بين إيران ودول الخليج فإن الاتحاد يؤكد ما يلي:

- الدعوة إلى علاقة حسن الجوار وحوار حقيقي وجاد بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي يكون برعاية الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومساعدة بعض الدول مثل تركيا، بحيث يتم طرح القضايا الخلافية بكل صراحة ووضوح لتجنيب هذه المنطقة الحساسة أي محاولة للتدخل الأجنبي الذي عانت منه في أكثر من مناسبة لم تجن منه شعوبها الا الحرب وويلاتها في حين حافظت القوى الدولية على مصالحها في المنطقة دون أن تضع أي اعتبار لمصالح المنطقة وشعوبها.

سادسا: في الشأن الفلسطيني:

لا تزال الأوضاع الفلسطينية تراوح مكانها داخليا وخارجيا، من حيث الحصار وجرائم الاحتلال ونحوهما، ولكن مما يبشر بالخير ما حصل أخيرا من التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق إطاري بين فتح وحماس برعاية مصرية، ونسأل الله أن تكلل هذه الخطوة بالنجاح وتنتقل بالحالة الفلسطينية الداخلية من الإنقسام إلى الوحدة ومن المناكفة إلى الصفح والتآخي وإلى عدم التفريط في أي من هذه الحقوق، أما على مستوى الواقع على الأرض فلا تزال سياسة التهويد مستمرة بوتيرة خطيرة جدا من خلال محورين أساسيين، وهما محور الإستيطان من جهة ومحور سن القوانين العنصرية في حق السكان الفلسطينيين، وخاصة في مدينة القدس الشريف حتى أصبح الحديث يدور داخل الأوساط الصهيونية بإمكانية منع الأذان من خلال مكبرات الصوت بذريعة أن الأذان يزعج المستوطنين اليهود.

سابعا: في مستقبل الأمة:

إن مستقبل أمتنا مرتبط بتوجيه هذه الثورات نحو أهدافها المنشودة، وذلك بالتركيز على الاستفادة من ماضينا وماضي الأمم وحاضرنا وحاضر الأمم المتقدمة، وذلك من خلال عدة خطوات أساسية من أهمها :

الخطوة الأولى: إصلاح النظام السياسي ، من خلال عقد جديد ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وتوضع فيه كل الوسائل المتاحة لمنع الاستبداد والدكتاتورية، وذلك بمنع الحاكم من الجمع بين السلطات، فقد ربط القرآن الكريم بين الطغيان والفساد والاستغناء فقال تعالى {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} [الفجر:11،12] وقال تعالى {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6،7] أي استغنى عن الله ، واستغنى عن الآخرين أي صار فرعوناً {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف:54]. فتحكم الحاكم في المال والسلطة يؤدي الى الطغيان الذي يؤدي حتماً الى الاستبداد.

الخطوة الثانية: إصلاح النظام التعليمي حتى يقوم على الإبداع .

الخطوة الثالثة: التغيير لما في الأنفس بجميع مكوناتها فقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] والمقصود: بهذا التغيير هو تغيير النفس الأمارة بالسوء، والروح، والقلب، والعقل، ثم ذات الإنسان إلى ما هو أحسن من خلال التربية، والتزكية، والعقلية المجتهدة الحكيمة المبدعة، فقال تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2].

الخطوة الرابعة: الإصلاح الشامل للفرد، والأسرة والجماعة، والحكومة، وللنظام والعلاقات .

الخطوة الخامسة: التجديد لهذا الدين بإزاحة كل ما تعلق به من تحريف الضالين، وتشدد الغالين، وترخص المترخصين، وإعادته إلى أصوله، والتجديد في المنهج والخطاب والوسائل والأدوات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" رواه ابوداود بسند صحيح .

الخطوة السادسة: وضع خطة لتربية شاملة على ثقافة الأحسن والإحسان في كل شيء للنهوض بأمتنا الى مرحلة الإتقان، والإبداع.

ثامنا: فيما يتعلق بالتنمية الشاملة:

لا يزال العالم الإسلامي في معظمه يعاني أشد المعاناة من التخلف والفقر والمجاعة، وسوء الغذاء والدواء على الرغم مما حباه الله تعالى من ثروات ومعادن وخيرات، وما فيه من موارد بشرية ومالية.

ولذلك يوصي الاتحاد بما يلي:

1- وضع خطة إستراتيجية للنهوض بالأمة الإسلامية وتنميتها تنمية شاملة للجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة إلى الجوانب السياسية وغيرها.

2- السعي لزيادة التجارة البينية داخل العالم الإسلامي، وتحقيق التكامل بين الدول التي لديها موارد بشرية كبيرة، وبين الدول التي لديها موارد مالية عظيمة.

3- دعوة الحكومات والمؤسسات المالية والخيرية إلى العناية القصوى بالتعاون والتكافل الاجتماعي، والتكامل الاقتصادي، وتحقيق الضروريات والحاجيات والمحسنات، والاهتمام الأكبر بالتدريب والتأهيل للفقراء وتمليكهم وسائل الإنتاج وإخراجهم من الفاقة والعوز إلى مرحلة الكفاية، فتمام الكفاية والغنى.

تاسعا: القضايا والأقليات:

يتابع الاتحاد قضايا أمته في كل مكان في كشمير، والصومال، ودارفور، وغيرها، ويقف معها بالدعم والتأييد والدعاء الخالص، كما يتابع الأقليات الإسلامية في كل مكان ويقف معها داعما، وناصحا لها بأن تتعامل بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن تكون القدوة في العلم والعمل كالشامة البيضاء.

عاشرا: محاولات تغيير هوية الأمة:

يندد الاتحاد بالمحاولات التي تبذل من قبل أعداء الإسلام لتغيير هوية أمتنا الإسلامية ومنهجها الوسط.

والاتحاد إذ يندد بهذه المحاولات ويحذر أصحابها من آثارها الخطيرة، يدعو المسلمين إلى الاستمساك بهويتهم الإسلامية التي تحميهم من التفسخ الحضاري والاعتصام بالمنهج الوسط الذي جاء به الإسلام.

وفي الختام ونحن نختم اجتماعنا هذا، وملتقى علماء الصومال بالدوحة عاصمة دولة قطر صاحبة المواقف المشرفة نحو أمتها، لا يسعنا إلا أن نتقدم بالدعاء الخالص والشكر الجزيل لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله أمير البلاد المفدى، وولي عهده الأمين وحكومته الرشيدة على تسهيل أمور الاتحاد في عقد الاجتماع وحسن الاستقبال وكرم الضيافة، كما نقدم شكرنا لوسائل الإعلام ولكل من ساهم في انجاح الاجتماع والملتقى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الأمين العام الرئيس

أ.د/ علي محيي الدين القره داغي أ.د/ يوسف القرضاوي