د. محمد مرسي

هنيء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشعب المصري بإجراء أول انتخابات حقيقية لرئاسة البلاد في تاريخه. وأعرب عن سروره وفرحته بنجاح الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية.

ودعا الاتحاد أبناء مصر إلى زيد من الوحدة والتكاتف، والعمل على انجاح بلاده في عملية الانتقال الديمقراطي، والتحلي باليقظة والانتباه لكل المؤامرات والدسائس التي قد تحيكها قوى الظلم والردة التي غاظها هذاالعرس الديمقراطي الكبير.

وقال بيان الاتحاد بهذا الصدد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛؛.

فينتهز الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رئاسة، وأمانة، ومجلس أمناء، وأعضاء في أنحاء العالم، هذه الفرصة التاريخية ليهدي – بثغور مبتسمة، وصدور منشرحة، وقلوب مطمئنة – اسمى عبارات التهنئة، والتقدير للشعب المصري العظيم بنجاح هذه الانتخابات، بعد عقود من الزيف والدجل والخداع، أخرت الشعب المصري، وأضاعت عليه فرصا، كان يمكنه بها أن يتقدم ويثبت وجوده.

كما يعرب الاتحاد عن مدى سروره وفرحته بنجاح الدكتور محمد مرسي حفظه الله رئيساً لجمهورية مصر العربية، ليكون أول رئيس مصري منتخب بعد ثورة مصر المجيدة، ونحسب أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، لما عرف عنه من رجاحة عقل، وتوازن خلق، وكفاءة عالية، مع صدق وإخلاص في خدمة الوطن، والتفاني في القيام بالمهام التي توكل إليه، كما انه صاحب مشروع النهضة للأمة، سائلين الله تعالى له التوفيق والسداد في اداء هذه المهمة الجديدة، وانجاز مشروعه باالكامل.

وأملنا الكبير أن يكون قدوة في أداء الأمانة، وتحقيق العدل والخير والتنمية الشاملة للبلاد، وأن يُساهم في إعادة مصر الى موقعها الريادي إقليمياً ودولياً.

وبهذه المناسبة يؤكد، ويدعو الاتحاد الى ما يلي:

1- يدعو الاتحاد الشعب المصري العظيم إلى البدء بمرحلة جديدة من العمل المشترك، وإلى مزيد من الوحدة والتكاتف، والعمل على انجاح بلاده في عملية الانتقال الديمقراطي، والتحلي باليقظة والانتباه لكل المؤامرات والدسائس التي قد تحيكها قوى الظلم والردة التي غاظها هذا العرس الديمقراطي الكبير فتلجأ إلى التشويش عليه والعمل على إفشاله قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وقال تعالى {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} كما يدعو الشعب المصري جميعاً الى مزيد شكر الله تعالى حيث قال سبحانه: {لإن شكرتم لأزيدنكم}.

كما يدعو الاتحاد بشكل خاص أهل الثورة جميعاً إلى توحيد صفوفهم، وتجميع قواهم، وتقديم مصالح البلاد والشعب عامة على المصالح الحزبية، لأن البلاد بحاجة ماسة إلى تكاتف الأيدي ووحدة كل الأحزاب، وكل الشخصيات الوطنية قال تعالى: {إنا الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} للمرور بها إلى بر الأمان والسلام، وتأسيس دستور جديد يعبرعن هوية الأمة، ويقطع مع كل مظاهر الاستبداد، ويؤسس للتعددية والحرية، وحماية الحقوق العامة والخاصة.

2- يدعو الاتحاد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي (حفظه الله) إلى أن يقدر هذه الثقة الغالية التي منحها إياه شعب مصر، ويعمل جاهدا على تقديم نموذج مشرف للإسلاميين عموما، يقطع نهائيا مع الصورة النمطية المخيفة، التي حاول -ولا يزال يحاول- ترويجها البعض على الإسلاميين إذا وصلوا إلى الحكم، والتي وللأسف الشديد ساهمت بعض التجارب في تكريسها وايجاد مبرر لها، وعلى كل من يناصر الدكتور مرسي من حزب الحرية والعدالة، ومن السلفيين والوسط وأبناء الثورة جميعا أن يقفوا هذا الموقف.

فعلى الرئيس ومن معه أن يعملوا على تقديم صورة حضارية مشرفة للإسلام، والمنهج الوسطي المعتدل، تبدد بها كل تلك التخوفات، وتثبت للداخل والخارج بأن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية هي أحزاب مدنية تؤمن بالتعددية والتداول السلمي على السلطة، ووطنية مهمومة بمشاكل بلدانها وتعمل ليلا نهارا على النهوض بها، ورفع مستوى المواطن فيها في التعليم والصحة وكل مجالات العيش الكريم، وتحقيق التنمية الشاملة، والحضارة والتقدم، وأن يستفيد من الماضي، فقد قال الخليفة الرابع علي بن أبيط الب عند ما ولّى الأشتر النخعيق الله " ثم اعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأنا لنا سينظرون من أمورك في مثلما كن تتنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون في كما كنت تقول فيهم، وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فاملك هواك، وشحب نفسك عمّا لا يحللك، فإنا لشحب النفس الإنصاف منها فيما أحبّت وكرهت، وأشعر قلبك الرحمة بالرعية والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً، يغتنم أكلهم، فإنهم صنفان:

إما أخلك في الدين، وإما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله تعالى من عفوه وصفحه فإنك فوقهم، وولي الأمر عليك فوقك، والله تعالى فوق من ولّاك، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم.

ثم قال: وأكثر مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء فيتثبيتماصلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام بها لنا سقب لك.

واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض، فمنها جنود الله الذين هم بإذن الله حصون الرعية، وزين الولاة، وعز الدين".

3- ويدعو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العالم العربي والإسلامي والإنساني حكومات وشعوباً إلى دعم الرئيس المنتخب ودعم الشعب المصري العظيم مادياً ومعنوياً حتى تتحقق مقاصد الثورة كلها، وحتى تنجح الديمقراطية، وتنهض مصر العربية المسلمة بدورها المنشود.

{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 105)

الدوحة في: 28 رجب 1433ه

الموافق: 19/06/2012م.

أ.د علي القره داغي                         أ.د يوسف القرضاوي

الأمين العام                            رئيس الاتحاد