تسبب الإعصار في خسائر فادحة

تقدم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالعزاء إلى الشعب الأمريكي والشعوب المتضررة من إعصار "ساندي". ودعا إلى التعاون الإنساني البناء بين جميع الشعوب على أساس العدل والرحمة والخير.

وقال بيان الاتحاد بهذا الصدد:

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛؛

تابع الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين إعصار "ساندي" في قوته، وتدميره، الذي أدى إلى مقتل عدد في أمريكا، وكندا وغيرهما، وأضرار مادية جسيمة جداً ولا سيما في أمريكا، فتلك قدرة الله تعالى في تدبير الكون وتدميره.

والاتحاد إذ ينظر إلى هذه المسألة نظرة إنسانية جامعة، وفي ظل أخوة إنسانية شاملة، فالبشر جميعاً في نظر الإسلام أخوة وأبناء لآدم وحواء، وأن صلة الرحم هذه تجمعهم وتقتضي منهم الرحمة فقالى تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (سورة النساء:1) فقد فسر المحققون أن الأرحام في الآية هي أرحام البشرية من لدن آدم وحواء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبالتالي فالله تعالى يسألنا عن التفريط في الحقوق الإنسانية، وأمرنا برعايتها، ولذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم جنازة يهودي قام لها، ولما سئل عن ذلك فقال "أليست نفسا" رواه البخاري حديث رقم (1312) ومسلم حديث رقم (961).

وأكثر من ذلك فقد حدد الله تعالى الهدف من ارسال رسوله الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ولم يقل للمؤمنين فهو رحمة للعالمين أجمعين، وقد طبق ذلك من خلال تعامله حتى مع المشركين الذين يؤذونه حيث كان يدعو لهم بالهداية (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) رواه البيهقي حديث رقم (1375)، ولما اشتد الإيذاء والقتل والتعذيب لأصحابه بمكة طلب منه البعض أن يدعو عليهم فقال "إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة..." رواه مسلم حديث رقم (2599).

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان رحمة حقاً حتى بالحيوانات والبيئة، فبيّن أن امرأة دخلت النار في هرّة حبستها ثلاثة أيام حتى ماتت ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض (انظر الحديث في صحيح البخاري رقم الحديث (3071) وفي مسلم رقم الحديث (4160))، وأن امرأة أخرى غير صالحة دخلت الجنة لأنها سقت كلباً حتى ارتوى (انظر الحديث في صحيح البخاري رقم الحديث (3321) وفي مسلم رقم الحديث (2245)) .

ولذلك قرر الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدة بأن في كل كبد رطب صدقة، وهذا يشمل الإنسان والحيوان والطيور...

ولذلك لا يجوز شرعاً الشماتة في مثل هذه المصائب العامة.

ومن هذا المنطلق فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يشعر بالأسى، ويشاطر الذين أصابهم الضرر في أرواحهم وممتلكاتهم في أمريكا، وكندا، وغيرهما بسبب إعصار "ساندي" ويقدم عزاءه إليهم، كما يدعو إلى التعاون البناء ولا سيما بين الشعوب جميعاً على أساس العدل والرحمة والخير ودفع الضرر والعوز، وتقديم الخير إلى كل نفس إنسانية، بل إلى كل ذات كبد رطبة.

والله المستعان

الدوحة في: 19 ذو الحجة 1433هـ

الموافق: 04/11/2012م.

أ.د علي القره داغي                             أ.د يوسف القرضاوي

الأمين العام                                     رئيس الاتحاد