فقد تلقينا بقلوب مفعمة بالرضا بقدر الله، نبأ وفاة أخينا الكريم الشيخ المحدث العلامة (شعيب الأرناؤوط)، الذي وافاه الأجل الخميس (27/10/2016) في العاصمة الأردنية عمان عن عمر ناهز (88) عامًا.

 

تتلمذ الشيخ المحدث في علوم العربية على يد كبار علماء دمشق، ثم اتجه لدراسة العلوم الشرعية، وأولى علم الحديث النبوي اهتمامه حتى برع فيه وعرف به.

 

ولمس الفقيد- في أثناء دراسته للفقه- القصور الواضح عند شيوخه ومن عاصرهم في معرفة صحيح الحديث من سقيمه؛ وذلك جعله يدرك أهمية التخصص في علم السنة ليتسنى تحقيق كتبها، ومن ثم تمييز صحيحها وضعيفها؛ فعقد العزم على الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة؛ فترك لأجلها مهنة تدريس اللغة العربية التي كان يزاولها منذ سنة 1955م، وفرغ نفسه للاشتغال بتحقيق التراث العربي الإسلامي.

 

رأس الفقيد قسم التحقيق والتصحيح مدة عشرين عامًا في دار (المكتب الإسلامي)، حقق فيها وأشرف على تحقيق ما يزيد على سبعين مجلدًا من أمَّهات كتب التراث وفي مقدمتها علم الحديث، ثم انتقل إلى العمل مع مؤسسة (الرسالة) ليرأس قسم تحقيق التراث فيها، فضلًا عن تخرج عدد غير قليل من طلبة العلوم الشرعية على يديه.

 

ومن أبرز تحقيقات الشيخ شعيب: شرح السنة للبغوي، روضة الطالبين للنووي، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، مهذب الأغاني لابن منظور، المبدع في شرح المقنع لابن مفلح الحنبلي، زاد المسير في علم التفسير ابن الجوزي، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، سير أعلام النبلاء الذهبي 25 مجلدا، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن الدارقطني، مسند الإمام أحمد.، تاريخ الإسلام الذهبي بالتعاون مع بشار عواد.

 

وقد فقدتْ الأمّة الإسلامية واحدًا من علمائها، نرجو من الله العلي القدير أن يغفر له، ويرحمه رحمة واسعة، ويعفو عنه، ويجزيه خير الجزاء، ويكرم نزله، ويوسع مثواه، ويدخله جنة الفردوس، ويمطر عليه شآبيب رضوانه ورحمته، ويحشره يوم القيامة في العليين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يلهم ذويه، وأهله، ومحبيه، وزملاءه، وتلاميذه الصبر والسلوان. إنه نعم المولى ونعم المجيب.

 

    أ.د. علي القره داغي                             أ.د يوسف القرضاوي

         الأمين العام                                       رئيس الاتحاد