قد أطلق شيخنا القرضاوي مصطلح «المستغلات» على الأشياء التي لا تجب الزكاة في ذاتها لأي سبب من الأسباب ولكنها تتخذ للنماء عن طريق الإجارة، أو بيع ما يحصل من انتاجها.

وذلك مثل المستأجرات من العمارات والبيوت والشقق والسفن والطائرات، والحيوانات المستأجرة، والحلي المعد للتأجير والفساتين المعدة للإيجار ونحو ذلك.

وكذلك مثل المصانع التي تصنع الأشياء، والحيوانات غير السائمة التي تُربى للإنتاج فيباع لبنها وصوفها، وأهم منها مزارع الدواجن لبيع لحومها وبيضها وهكذا.

وقد اختلف فيها الفقهاء قديمًا وحديثًا فمنهم من ذهب إلى أن هذه المصانع والدور المؤجرة ونحوها تقوم في آخر كل سنة، وتزكي زكاة التجارة وهذا ما ذهب إليه بعض الحنابلة وقول لمالك، ولبعض العلماء الآخرين.

ومنهم من ذهب إلى أن تزكى الغلة عند قبضها زكاة النقود دون الحاجة إلى حولان الحول، وهذا رواية عن الإمام أحمد، وقول لبعض المالكية ومروي عن جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن مسعود ومعاوية وعن عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري والزهري ومكحول والأوزاعي.

ومنهم من ذهب إلى أن هذه الغلات لا تجب الزكاة فيها، بل تضم إلى بقية الأموال فإن بلغت نصابا وحال عليها الحول تدفع عنها الزكاة، وهذا رأي الكثيرين من أصحاب المذاهب الأربعة.

والذي يظهر لي رجحانه هو أن الزكاة تجب في العائد من الأجرة المتحققة من هذه المستأجرات، ومن النقود الحاصلة من بيع المنتوجات بنسبة 2‚5% (ربع العشر) بعد حسم المصاريف الفعلية والصيانة الدورية، أي أن الزكاة تجب في صافي العائد جميعه بنسبة 2‚5% إذا بلغ نصابًا (85 غراما) خلال العام.

ويرى بعض الفقهاء المعاصرين كالشيوخ أبي زهرة، وعبد الوهاب خلاف، وعبد الرحمن حسن إلى أن الواجب في المستغلات هو العشر أو نصف العشر قياسا على الأرض الزراعية، فالعشر من صافي الربح والنصف قبل خصم المصاريف.

ووافقهم الشيخ القرضاوي ولكن مع حسم نسبة الاستهلاك السنوي من العائد.

وقد صدرت فتوى من مؤتمر الزكاة الأول تنص على ما يأتي:

يقصد بالمستغلات المصانع الإنتاجية والعقارات والسيارات والآلات ونحوها من كل ما هو مُعد للإيجار وليس معدا للتجارة في أعيانه.

وهذه المستغلات اتفقت اللجنة على أنه لا زكاة في أعيانها وإنما تزكى غلتها، وقد تعددت الآراء في كيفية زكاة هذه الغلة،

فرأي الأكثرية أن الغلة تضم (في النصاب والحول) إلى ما لدى مالكي المستغلات من نقود وعروض التجارة، وتزكى بنسبة ربع العشر (2‚5%) وتبرأ الذمة بذلك.

ورأى البعض أن الزكاة تجب في صافي غلتها الزائدة عن الحاجات الاصلية لمالكيها بعد طرح التكاليف ومقابل نسبة الاستهلاك وتزكي فور قبضها بنسبة العشر (10%) قياسا على زكاة الزروع والثمار.

ملحوظة: على الرأي القائل بوجوب الزكاة في صافي غلة المستغلات يترك الحد الأدنى للمعيشة إذا كان صاحبها ليس له مورد (دخل) يكفيه، مشروعات المدارس والروضات ونحوها، تجب الزكاة في دخلها الصافي السنوي بنسبة ربع العشر (2‚5%).

- المصدر: جريدة الوطن القطرية