يدعي البعض أن القوات الأمريكية والبريطانبة الموجودة على الأراضي العربية والإسلامية والتي تتخذ من ديارنا وأوطاننا قاعدة للقضاء على شعب العراق قد دخلت البلاد بموجب اتفاقيات ولذلك فلا يجوز الاعتداء عليها أو التصدي لها؟ نرجو توضيح الأمر جزاكم الله عنا كل خير.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

فهناك فرق واضح بين الاتفاقات التي أبرمتها بعض الدول مع أمريكا وبريطانيا من أجل الدفاع عن أرضها ورد العدوان عنها وبين الاتفاقات التي أبرمت مع الحكومة الأمريكية تمهيدا لضرب العراق، فالأخيرة خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، ومثل هذه الاتفاقات لا خلاف في حرمتها، ومن ثم فهذه القواعد التي نصبت للقضاء على شعب العراق ليس لها سند شرعي .

وإليك فتوى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله-:

هناك فرق واضح بين الموقفين الذين ذكرا في السؤال.. موقف الاتفاقات التي حدثت بين أمريكا وبعض البلاد، لظروف اقتضتها واستغلتها أمريكا إلى أقصى حد للبقاء في المنطقة والتوغل فيها. فهذه -على كل حال- تحترم، على أن من حق الناس أن ينقضوها، ويطالبوا بالتحرر منها، ولكن بالوسائل السلمية، حتى لا تحدث فتنة لا ندري عواقبها، وموقف الإنزال الأمريكي البري والبحري والجوي لضرب العراق العربي المسلم.

ومن المعروف أن هذه الاتفاقيات تعقد للحفاظ على أمن البلد المعاهد من عدوان الآخرين عليه، وليس من بنود هذه الاتفاقيات الهجوم على بلد إسلامي، بغير سبب شرعي أو المساعدة فيه، ولو وجد مثل هذا البند لكان باطلا شرعا؛ لأنه يناقض ما قرره الإسلام بقواطع نصوصه ومقاصده وقواعده: أن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، وأن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، وأنهم مأمورون بالتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، وأنه لا يجوز للمسلم أن ينصر كافرا على مسلم، ولا يوالي كافرا على حساب مسلم {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة:51)، {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (الأنفال:73)، فكيف بحرب دلت كل الدلائل على أن الغرض منها ضرب الإسلام، وإضعاف شوكته وتمزيق أوصال أمته، والتحكم في ثرواتها، والعمل على تغيير ثقافتها وفكرها وتعليمها، كما عبر عن ذلك كولن باول بصراحة في الكونجرس قائلا: بعد ضرب العراق سنعيد ترتيب المنطقة ترتيبا جذريا، ونعيد رسم خارطتها،ونبنيها على أسس جديدة لمصلحة أمريكا!!

فهؤلاء الغزاة الحاقدون حين يعتدون على أرض العراق، وعلى شعب العراق؛ يجب على العراق أن يقاومهم، وهو فرض عين عليه، وعلى المسلمين من حوله أن يعاونوه في حربه، بكل ما يستطيعون، بالنفس وبالمال؛ لأنه من باب نصرة المسلم للمسلم، وهي فريضة لا ريب فيها ولا نزاع، وأي مسلم قاوم هؤلاء الغزاة نصرة لإخوانه وقتل في سبيل ذلك فهو شهيد، وفق ما تقرره أحكام الفقه الإسلامي.

والله أعلم.

- المصدر: إسلام أون لاين