السؤال: من المعلوم أن ما فيه فائدة للإنسان لا يحرمه الإسلام، فلماذا حرم الإسلام الربا، وما الحكمة من ذلك التحريم؟

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فتحريم الربا يرتبط بالعلة لا بالحكمة، كما أنه من الواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله تعالى فيما أمر ونهى، ولتحريم الربا جوانب عديدة، من الناحية الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي ذلك يقول الشيخ الدكتور القرضاوي:

الإسلام حين شدد في أمر الربا وأكد حرمته، إنما راعى مصلحة البشرية في أخلاقها واجتماعها واقتصادها. وقد ذكر علماء الإسلام في حكمة تحريم الربا وجوها معقولة، كشفت الدراسات الحديثة وجاهتها وأكدتها وزادت عليها.

ونكتفي بما ذكره الإمام الرازي في تفسيره:

أولا: أن الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض؛ لأن من يبيع الدرهم بدرهمين يحصل له زيادة درهم من غير عوض ومال الإنسان متعلق بحاجته، وله حرمة عظيمة، كما في الحديث: "حرمة مال الإنسان كحرمة دمه" فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرما.

ثانيا: أن الاعتماد على الربا يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب؛ وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد، نقدا كان أو نسيئة، خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق. ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات. (ولا شك أن هذه الحكمة مقبولة من الوجهة الاقتصادية)

ثالثا: أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض؛ لأن الربا إذا حرم طابت النفوس بقرض الدرهم واسترجاع مثله، ولو حل الربا لكانت حاجة المحتاج تحمله على أخذ الدرهم بدرهمين، فيفضي ذلك إلى انقطاع المواساة والمعروف والإحسان. (وهذا تعليل مسلم من الجانب الأخلاقي).

رابعا: الغالب أن المقرض يكون غنيا، والمستقرض يكون فقيرا فالقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالا زائدا وذلك غير جائز برحمة الرحيم. (وهذه نظرة إلى الجانب الا جتماعي).

ومعنى هذا أن الربا فيه اعتصار الضعيف لمصلحة القوي، ونتيجته أن يزداد الغني غنى والفقير فقرا. مما يفضي إلى تضخم طبقة من المجتمع على حساب طبقة أو طبقات أخرى مما يخلق الأحقاد والضغائن، ويورث نار الصراع بين المجتمع بعضه مع بعض، ويؤدي إلى الثورات المتطرفة والمبادئ الهدامة. كما أثبت التاريخ القريب خطر الربا والمرابين على السياسة والحكم والأمن المحلي والدولي جميعا.

والله أعلم

- المصدر: إسلام أون لاين، 2005