السؤال: هل ورد في يوم عاشوراء شيء يستحب عمله غير الصيام من تزين واكتحال، وتوسعة على العيال؟

جواب فضيلة الشيخ:

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

لم يصح عن رسول الله في يوم عاشوراء شيء غير الصوم، أما التوسعة على العيال، ففيها حديث تكلموا فيه كثيرًا "من وسّع على عياله في يوم عاشوراء؛ وسّع الله عليه السنة كلها" رواه الطبراني والبيهقي، وقال: أسانيده كلها ضعيفة، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وحسّنه العراقي، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير بعلامة الصحيح، والسيوطي قد يتساهل في مثل هذه الأحاديث.

وأما الاكتحال فقد روى الحاكم فيه حديثًا مرفوعًا عن ابن عباس: "من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه أبدًا"، وقال الحاكم: إنه منكر، وقال السخاوي: بل هو موضوع وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.

قال الحاكم: والاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن النبي فيه أثر، وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه.

ولا بد من معرفة الظروف التاريخية التي ولدت فيها هذه المرويات، فهي تلقي ضوءا كاشفا على هذه الأقاويل وقيمتها، فقد شاء القدر أن يُقتل الحسين رضي الله عنه في اليوم العاشر من المحرم؛ فجعل منه كثير من شيعته يوم حزن مستمر، بل جعلوا الشهر كله مأتمًا وحدادًا، وحرّموا على أنفسهم كل مظاهر الفرح والزينة والاستمتاع بالحياة، وكان رد الفعل عند المتطرفين من خصوم الشيعة على هذا الغلو؛ أن جعلوا الفرح والتزين في هذا اليوم عبادة وقربة إلى الله، وعززوا ذلك بآثار وأحاديث وضعوها، وكان أجدر بالفريقين أن يقفوا عند حدود الله، ويتخلصوا من التعصب المصم المعمى، الذي فرقهم شيعًا وأحزابًا، وأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام:153).