السؤال: لماذا نزلت سورة التوبة بدون البسملة؟

جواب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

للعلماء في تعليل ذلك أقوال، أرجحها عندي ما رُوي عن الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم أمان، وسورة براءة نزلت برفع الأمان (ذكره ابن الجوزي في زاد المسير) فهذه السورة في الواقع تعلن إعلانًا عامًا بقطع المواثيق ونبذ العهود التي بين المسلمين وبين المشركين، إلا ما كان منها إلى أمد موقوت ولم ينقضه أصحابه، ولم يظاهروا على المسلمين أحدًا..

فطالما فعلت الوثنية الأفاعيل مع المسلمين، وطالما صبت عليهم سياط العذاب، وطالما تعاونت مع اليهودية الفاجرة، وطالما غدرت بالمسلمين؛ فلم يكن لها عهد ولا ذمام، ولم يكن لها قانون ولا نظام، ولم يكن لها رادع خلقي يردعها؛ فكان لا بد أن يصفي الإسلام حسابه معها؛ فنزلت سورة التوبة تعلن البراءة من الله والرسول إلى هؤلاء الناس… {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (التوبة:1).

وكأن وجود البسملة مقرونًا بالرحمة، موصوفًا بالرحمن الرحيم؛ يوجب نوعًا من الأمان لهؤلاء الناس، والسورة ليس فيها أمان بل فيها: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (التوبة:5)، {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (التوبة:36)، فلا مجال لهؤلاء إلا السيف وإلا القتال، ولا مجال لرحمة ولا أمان. والله أعلم