مهنا الحبيل

مرة أخرى تمسحنا لمسة فرح بشفائك وعافيتك، وساعة من حدب وألم حين يتجدد عليك البأس، وقد أثقلت الجسد والعقل والقلب بهموم الأمة، فكنت حين تطلب الدواء من محيطها لخليجها أسرع المبادرين، وأدق الواصفين، وأكثر المخلصين لها ولعللها. فلا بأس طهور يا سيدي..

مرة أخرى يضج لك الدعاء، وترق لك الخواطر، وتنداح لك المشاعر، كذا بلا مقدمات، وبلا محفزات، تندفع مشاعر عائلتك الكبيرة وأسرتك الواسعة، إنها سرة الأمة المعاصرة، فتقول بلسان واحد: يا سيدنا الوالد، كيف حالك؟.. شفاء لا يغادر سقما إن شاء الله. هنا انتصف العقل الإسلامي المعاصر في مراجعاته الكبرى إلى نقطة التوازن وعيًا ومعرفةً أصبح عنوانه القرضاوي، وأصبح ميدانه تجري فيه الخيل من هنا وهناك، ولكن الإسطبل الأول كان لك.

نهر الإسلام وشمعة الأمة

علمتنا لغة الحياة الإسلامية، وإبداع الفكر المتنور، وحسم الأمر مع العزم حين نواجه الخصم، لا مواربة ولا تميّع، فكيف يا مولاي لا تخفق قلوبنا بك عليك، ومنك إليك؟!، يا نهر الإسلام في زمن الظلام.. عوفيت يا شمعة الأمة، وعوفي مجدك من جوانبه إلى قلبك.قبل الخبر تراكضت العائلة بعد خروجنا من الجامع نحو التلفاز.. افتح على قطر.. افتح على قطر.. هل أطلّ والدنا؟..

قد اشتقنا له، ولروحه، ولخطابه، ولفيضه المعنوي، يرشدنا عند الفتن، ويضيء الطريق عند العتمة، وينشر الخير والبر، فزادُ رواحله إلى المعمورة ممتد.لكننا مع كل هذا بات لرؤية إمامنا ووالدنا الكبير شعور خاص، نأنس بمشاهدته، ويضمنا إلى صدره بقربنا المعنوي منه، حبيب إلى قلوبنا، منير في عقولنا، أشرعته ممتدة إلينا، فلا أطال الله بنا وحشة عنكم يا سيدي، وعجّل إطلالتك في ثوب الصحة والعافية.

أيها الإمام، هذه أشجار زرعك أينعت، ووصفات دوائك قد أنجعت.. أنت أستاذها في زمنها المعاصر، وأنت ينبوعها ومرشد أعضائها أبناء الوطن الأكبر بلا عضوية ولا حزبية..هذه اختيارات الروح، ونظرات العقول هي التي أحبتك في سبيل الحق والعدل، سبيل الإصلاح والتجديد، أنت أرشدتها إلى العهد القديم؛ حيث أبو القاسم وصحبه، فجمعت الأول بالآخر، فأقر الله عين محبيك بك في سلامة وعافية، وأظفرك بالجائزة الكبرى بسيدنا الأعظم عند الحوض الأكبر، وقد كنت -والله يشهد- تقودنا وتقود الأمة إلى نهجه..

ولسنا ندعي العصمة لك، لكننا نقول بملء أفواهنا: أين الناس من القرضاوي حين توضع الموازين؟.. والجواب ينطق بنفسه!.بارك الله لنا في عمرك حتى تستزيد الأمة من فتحك، وكم ثغور فُتحت بالقلم كانت رصيدا باقيا للأمم..ولسنا والله ننسى الفضل لأهله، فها نحن نجدد الشكر على من أكرمونا برعايتك، فشكرا أيها الأمير، وشكرا لقطر حكومة وشعبا.

..........

- نشرت هذه المقالة في صحيفة الوطن البحرينية في 29 نوفمبر 2007.