د. محمد جمال حشمت

كلنا تربينا على كلمات ومواقف الدكتور القرضاوى وعلاقتى الشخصية به تضعه عندى وعند كل الإخوان وغيرهم فى مقام العالم الربانى والإمام القائد والأب الحنون، وما قاله هو الحق لكن تقديم المخالفين له فى الرأى ككبش فداء بحيث يصبح ذمهم قربى الى الله ومدحا فى الشيخ هو من قبيل تلبيس إبليس وهو ما لا يصح إعلاميا، وحديث الدكتور القرضاوى له ثلاث وجوه يجب الفصل بينهم

الأول: أن ما قاله الشيخ القرضاوى فى عقيدة هؤلاء لم تخرجهم من الملة حسب بيانه بل هم قوم مبتدعون مع أن أكثر من دافع عن أراء الشيخ هم ممن يكفرون الشيعة !

الثانى: أنه أوضح حقيقة الغزو الشيعى وهو أمر يحتاج استعدادا قويا من أهل السنة وقد اعترف الشيخ بتقصيرهم وقلة اهتمامهم فى مواجهة هذا الغزو

ثالثا: بكل أدب العالم ناشد الشيخ القرضاوى شيعة إيران بالتوقف عن الدعوة لمذهبهم بكوادرهم وأموالهم فى البلاد السنية وهو ما يهدد أى فكر للتقارب أو الوحدة فى مواجهة أى عدو خارجى

والشيخ محق فى الثلاثة بل لو فطن أهل التشيع الذين أساءوا لأهل السنة بل للإسلام ذاته لمطالب الشيخ القرضاوى وهو ما ردده عليهم كثيرا دراء للفتنة وتوحيدا للصف لأثبتوا بصورة عملية رغبتهم فيما يدَعوه ولكن شاء الله أن يفضحهم عندما هاجوا وماجوا وأساءوا الأدب فى الرد على الشيخ العلامة إمام أهل السنة يوسف القرضاوى وكل ما أرجوه هو التخلى عن حالة الاستعداء التى تنتاب البعض ضد البعض لأن هناك من يختلف مع فضيلة الشيخ فى موعد إعلانه فقط وأظن أن هناك مقالة لخبير إسلامى نشرت له المصريون من قبل يحذر من خطورة التوقيت وسوء استغلاله من جانب الصهاينة والأمريكان وهو ما أرجو الأستاذ محمود سلطان أن ينشره ليبقى الحوار مثمرا و محافظا على الأقل على وحدة الصف السنى )

هذا تعليق أرسلته لينشر ضمن التعليقات على مقالة الأستاذ محمود سلطان لكنها ضلت الطريق ولم تنشر على مقاله الذى أنهاه بقوله " من حق فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، أن يُصدم في "إخوانه" و"أصدقائه" ممن تعايشوا على علمه وتاجروا بصداقته، وتقافزوا على أكتافه، ويتفيؤون اليوم ـ بسببه ـ ظلال الفضائيات "الهوليودية" والصحف اليومية ويرفلون في جنات تجري من تحتها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلوبهم من دعوات وسفريات واعتلاء مناصب رفيعة في مؤسسات واتحادات وألقاب ومسميات، لم يكن ليصيبهم حظ منها، لولا فضيلة الشيخ الذي تخلوا عنه اليوم وتركوه وحيدا في محنته. المفارقة المثيرة للدهشة، أن واحدا من كبار الصحفيين المصريين مثل الكاتب الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد، والذي لا تربطه بالشيخ أية علاقة إلا التقدير والإجلال لعلمه ومكانته، هو الوحيد الذي غضب له، وكتب في الأهرام مقالا مدافعا عنه)

كما كانت لى مداخلة فى برنامج الاقتصادية هذا المساء (ABC (منذ أسبوع فى وجود ممثل الشيعة فى مصر د أحمد راسم النفيسى وعضو فى لجنة التقريب بين المذاهب والدكتور محمد مورو فضحت فيها تهرب ومناورة ومراوغة النفيسى فى الرد على أسئلة محددة حول " عصمة الأئمة وسب الصحابة وجواز التعبد بمذهب سنى ) وأوضحت فيها أن ما قاله الدكتور القرضاوى هو الحق رغم أنه حديث متكرر فى السر والعلن لكن هناك من أساء الأدب فى الجانب الشيعى وهناك من قول الشيخ مالم يقله فى الجانب السنى وهذا التصعيد الإعلامى له ما يبرره وذكرت جزء من مقالة للأستاذ إبراهيم صلاح الخبير فى العلاقات الإسلامية الأوربية – توضح كيف يمكن استثمار تصريحات الشيخ القرضاوى ضده وضد أمن واستقرار الأمة بأكملها- دون اتهام لنوايا أستاذنا وشيخنا القرضاوى وهو ما لا يملك أحد أن يزايد عليه فلقد صدع بكلمة حق والواجب أيضا استثمارها فى الجانب السنى شعبيا ورسميا

وقد كتب الكثيرون من قيادات الإخوان دفاعا عن الشيخ - ممن افتقدوا للأدب والخلق فى الرد عليه أو الحوار معه - منهم الدكتور عبد الرحمن البر أستاذ الحديث بالأزهر الشريف إذ قال : أقول هذا بين يدي الضجة الكبرى التي شغلت الأمة بما أثير عن موقفه من الشيعة، وقد علم الله، ويعلم المنصفون أن الرجل لم يَمِلْ عن الحق قِيد شعرة، ولم يأتِ في حواره بجديد عما فتئ هو يقوله منذ سنوات بمنتهى الوضوح وبكل الصدق حتى أمام المراجع الشيعية وفي عقر دولتهم، محذرا من الكوارث التي ينذر بها توجه بعض إخواننا من الشيعة إلى السعي لنشر المذهب الشيعي في البلاد السنية، فليست الأمة في حاجة إلى مزيد من وقود الفتن الطائفية التي يؤدي إليها هذا العمل الجهول وهذا الطموح والجموح الطائش الذي يمارسه ذلك النفر الذين لا ينظرون إلى أبعد من أطراف أنوفهم، ولا يدركون المخاطر المحدقة بالأمة، ولا ينتبهون للقوى الباغية على الأمة والتي تريد تأجيج الصراع المذهبي وتشجيع الاصطفاف الطائفي، وضرب قوى الأمة بعضها ببعض، مستغلين فتاوى التكفير من هنا وهناك وجهود التبشير بهذا المذهب أو ذاك لترفع راية الحرب الطائفية، وتدعو إلى الاصطفاف تحت رايات حزبية، لتشعل فتنة عمياء دهماء طخياء تأكل أخضر الأمة ويابسها، والرجل ببصيرته النافذة وحكمته الواعية يبصر هذا فلم يسعه إلا تحذير أمته، فالرائد لا يكذب أهله.

وقد رد الشيخ سيد عسكر عضو مجمع البحوث الاسلامية السابق وعضو مجلس الشعب أيضا دفاعا عن الشيخ القرضاوى فى حديث له بقوله : "كثيرا ما تعرض القرضاوي لانتقاد سني في موضوع التقريب بين المذاهب، باعتباره مهادنا للشيعة، أما وقد تحدث الرجل الآن عن خطر التشيع فهذا يؤكد أن الكيل طفح ولم يعد قادرا على السكوت وأنه رأى من الوقائع والأدلة ما يعزز كلامه"

ورغم المقالات التى شعللت وخلقت مناخا عدائيا وأثارت خلافا وتحريضا بين الشيخ والإخوان على وجه الخصوص إلا أن علاقة الشيخ لم تتأثر بهذا التحريض كل ما حدث فقط هو سب الإخوان من عدد لابأس به من المعلقين نصرة للشيخ وافتداءا للدين وهو ما لايمكن لأحد أن ينكره على أى مسلم لكنهم تعجلوا أو أن بين بعضهم والإخوان خلافا فكريا أو شخصيا فى الله أو فى غيره سبحانه وتعالى أعلم

ودليل ذلك أن حوارا أخيرا لفضيلة الشيخ أوضح فيه رأيه فى الإخوان بعد هذه الحملة الشرسة التى حاولت إفساد العلاقة بينهما (وتساءل الشيخ القرضاوى: عندما تركت مصر قبل ٤٧ عاماً لم يكن فيها شيعي واحد، والآن هناك الكثير منهم فمن أدخلهم في التشيع، ومصر هي بلد الأزهر، قلعة السنة، فكيف دخلها التشيع؟».وأضاف: «لقد أوذينا في عقر دارنا». وأبدي القرضاوي ترحيبه بتولي الإخوان حكم مصر، واصفاً الجماعة بأنها تمثل الوسطية الإسلامية المنشودة، معتبراً أن مشروع الإمام حسن البنا - دون نظام عسكري - هو المشروع السني الذي يحتاج إلي تفعيل. ووصف الإخوان المسلمين بأنهم أفضل مجموعات الشعب المصري بسلوكهم وأخلاقياتهم وفكرهم وأكثرهم استقامة ونقاء. وحول توقعاته لمستقبل مصر قال: هي رائدة في الخير والشر، تجد بها أحسن قارئ قرآن، وأحسن عالم دين وكيمياء وأديب، كما تجد بها أحسن راقصة وفرعون، وتصدر الخير والشر).وأرى فى رد الشيخ القرضاوى بارك الله فيه وأطال لنا فى عمره أبلغ رد على من أثار فتنة الخلاف بيننا نحن أهل السنة حول تصريحات إمام أهل السنة فى عصرنا خاصة بينه وبين جماعته التى تربى فيها وزرعت فيه الوسطية والاعتدال منذ نعومة أظافره , ولعل ما حدث يقرب بين الجميع بعيدا عن وسوسة شياطين الإنس والجن خاصة الإنس الذين ملؤا فراغ إخوانهم شياطين الجن الذين تمت سلسلتهم فى شهر رمضان الكريم!!!

كفانا حصارا للقيم وتشويها للأحرار الذين يقدمون كل يوم ضحايا فى مواجهتهم للظلم والفساد والاستبداد ولن نعتب أو نتدخل فيمن أعلن الجهاد على النت فقط فهو وشأنه أو من اعتقد جازما أن تحصيل العلم هو جهاد العصر فهو وما وقر فى قلبه ولاشك أن مجهود الجميع مطلوب والأمة فى حاجة اليه ويكفى بيننا النصيحة المخلصة دون تحريض أو إهانات أو تشكيك فى النوايا والله الموفق " فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى الى الله إن الله بصير بالعباد" غافر 44 صدق الله العظيم

.......

- نقلا عن صحيفة المصريون الإلكترونية