جمال سلطان

البيان الختامي لمؤتمر اتحاد علماء المسلمين الذي عقد في الدوحة جاء متوافقا مع المنطق والعقل وبعيدا عن العاطفية والمجاملات ، ولا يصح أن يوصف ما حدث بأنه انتصار لشخص الشيخ يوسف القرضاوي بل هو انتصار للأمة ولأمنها وأمانها ووحدتها وهو ما دافع عنه العالم الكبير بكل جرأة ومسؤولية.

البيان أكد على صحة ما نشرناه ونشره غيرنا عن محاولات الاختراق الطائفي التي تقوم بها إيران الدولة والمؤسسات الدينية ، والأهم أنه شكل لجنة خاصة بالرصد الميداني لهذه الجهود ثم عرض نتائجها على أول اجتماع للاتحاد ، كما ندد البيان بالفحش الذي تعرض له فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي من قبل الإعلام الإيراني وذيوله في بلاد العرب ، وطالب إيران بالاعتذار..

وقد صدرت أوامر هناك بالفعل بفصل محرر الشؤون الدولية بوكالة مهر الذي كتب التطاول على الشيخ ، وأتمنى أن يكون هناك رادع من ضمير أو خلق أو دين في مصر للذين تطاولوا على الشيخ القرضاوي ، وهو تطاول وصل إلى حد مزري جدا ، على النحو الذي فعله حسنين كروم في صحيفة القدس العربي الدولية حيث حولها إلى منبر لجمع الشتائم ضد الشيخ مع إضافة ما "تجود به قريحته" عندما اتهم الشيخ بأنه كان مخبرا لأجهزة الأمن يكتب التقارير عن زملائه ، وهو كلام متدني ولا صلة له بالمرة بالقضية التي طرحها الشيخ ، وكرر كروم هذا "المجون الصحفي" أكثر من مرة في صحيفته ، على خلفية تصفية حسابه مع الشيخ القرضاوي الذي انتقد "خالد الذكر" عنده انتقادات حادة في مذكراته فلم يغفرها له حسنين كروم..

والحقيقة أننا فوجئنا بأن هناك حالة من التيه الشديد في مصر متعلقة بالموقف من إيران والتمدد الشيعي ، وإذا كنت على يقين من أن بعضها مدفوع بولاء سياسي أو مالي ، وهم قلة ، إلا أن الغالبية كانت مدفوعة بعاطفة سياسية مخلصة وحقيقية تجاه قضايا الأمة الكبرى ، وخاصة ملف الصراع مع الكيان الصهيوني ، وقلق البعض من أن يكون فتح هذا الملف مؤشرا إلى تراجع الاهتمام بقضية الصراع في فلسطين ، وتصور آخرين بأن الحديث في هذا الموضوع يضعف وحدة صف المواجهة الإسلامية مع الكيان الغاصب ، ورغم أن هذا التصور عكس الحقيقة تماما ، لأن ما يقوم به الإيرانيون هو الذي يضعف الأمة في صراعها مع الصهاينة ، وهو الذي يمزق نسيج وحدة مجتمعاتنا ويفرض عليها تنازع طائفي من خلال زرع خلايا وبؤر طائفية شيعية حتى في فلسطين المحتلة ، وهو ما كشف باحثون فلسطينيون مرموقون..

وكان من أشد ما ساءنا ـ في المصريون ـ أن وجدنا الشيخ يوسف القرضاوي ، العالم الجليل وصاحب الجهاد الطويل في المعركة مع الاختراق الأجنبي بكل صوره والغطرسة الصهيونية ، ومواقفه التي لا تنكر في دعم قضية التقريب ، هذا الرمز الكبير وقف وحده في الميدان يحذر أمته وينذرها من المخاطر ، وتعرض للاستهزاء والتجريح من عشرات الصحف المصرية الحكومية والقومية والحزبية والمستقلة ، وكل من له ثأر مع العلماء أو مع الدين دخل في ركاب الحملة حتى الماركسيين تكلموا بتبتل عن السنة والشيعة والدين والشريعة وأعطوا الشيخ القرضاوي دروسا في "الواجب الديني" تجاه هذه القضايا !! فشعرنا بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا أن ندعم موقف الشيخ لقناعتنا التامة بصحته وبعد نظره ودقة كلماته وأهمية موقفه الجريء لأمن الأمة وأمانها واستقرارها، ومن هنا وقفنا معه ودعمناه بكل قوة ، حتى نصره الله ونصر الحقيقة والعقل والمنطق معه ، على النحو الذي استبان في بيان اتحاد العلماء ، ونأمل أن تكون هذه الخطوة الإيجابية من الاتحاد مقدمة لجهد ميداني جاد وأمين لرصد أبعاد الفتنة الإيرانية الجديدة ومحاصرتها وتجفيف منابعها.

- المصدر: صحيفة المصريون.