د. علي العمري

سألتُ الشيخ والكتب محيطة به، ماذا تنوي كتابته الآن؟! قال: تفسير القرآن الكريم كاملاً على هامش المصحف، والسيرة النبوية، والاختيارات الراجحة من كتب أصول الفقه، ومشروع الوحدة الفكرية الذي يكتب فيه الآن عن البدع...

عند عودتي من الصين إلى قطر (ترانزيت)، قلتُ إنّها فرصة طالما أنّها سويعات أن أمرّ على فضيلة العلّامة د. يوسف القرضاوي للسلام عليه، ومحاورته في بعض الأمور.

نسّقتُ مع أحد محبّي الشيخ اللقاء، وقد هيأ الوقت الذي يناسب رحلتي -جزاه الله خيرًا ومتَّع به-.

استقبلني الشيخ بحرارة، وسألته أول سؤال عن موسوعته المهمّة التي وعد بها في أكثر من لقاء.

إذ إني سمعته في المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء بتركيا يقول: إنّها في المراحل النهائية.

وفي السنة الثانية للمجلس سألته بعد إحدى الجلسات عنها، فكان جوابه: لقد تغيّرت عندي بعض المفاهيم، من خلال ما سمعته من إخواني العلماء، وسيتطلب هذا وقتًا آخر!

هكذا هو -حفظه الله- يتمتّع بإتقان البحوث، وقوة المنهج، والسؤال، والمناقشة لإثراء قرّائه ومتابعي بحوثه القيمة.

وقد انتهى هذا العمل المهم الذي أسماه (فقه الجهاد) في مجلدين كبيرين، ليعد أحد أهم ما كتب حول هذا الموضوع بتفصيلات مهمّة، ونظرات جيدة وقيّمة، وباعتدال لا يُبارى الشيخ فيه!

وقد قرأتُ الكتاب كاملاً، ففرحتُ كثيرًا بما فتح الله على الشيخ من جمع علمي موثق، واستنباط مدقق، وتابعتُ ما كُتب عنه من مقالات، وما عُقد عنه من ندوات، وهكذا فلتكن البحوث والدراسات لوجه الله، ولنفع الأمة والشباب في القضايا المصيرية، بعيدًا عن الشهادات والترفيهات!

وكان من حسن القدر أن رأيت النسخ الأولى من الجزء الرابع من كتابه (فتاوى معاصرة)، وفيه مواضيع قد تزعج الشيعة! ولهذه الفتاوى مميّزات مهمّة تصلح أن تُكتب رسالة دكتوراة عنها.

سألتُ الشيخ والكتب محيطة به، ماذا تنوي كتابته الآن؟! قال: تفسير القرآن الكريم كاملاً على هامش المصحف، والسيرة النبوية، والاختيارات الراجحة من كتب أصول الفقه، ومشروع الوحدة الفكرية الذي يكتب فيه الآن عن البدع.

ولو أتم الله سبحانه وتعالى للشيخ هذه المشاريع الأربعة، فيكون بحق، قد تمم وصف صديقه الشيخ: مصطفى الزرقاء -رحمه الله- عنه «بأنه مالك الأسس الثلاثة: عقيدة الإسلام الصحيحة، وفقه الشريعة وأحكامها، والفكر الإسلامي العام»، أو ما عبّر عنه الأستاذ عصام العطار بمميّزات الشيخ القرضاوي، وهي: «التجربة الإنسانية، والشجاعة الأدبية، والثقافة والتفكير».

وجولة واحدة في كتاب «يوسف القرضاوي.. كلمات في تكريمه وبحوث في فكره وفقهه» -مهداة إليه بمناسبة بلوغه السبعين-، فيها من الفوائد والفرائد والحقائق ما يكفي!

إن الكثيرين ربما لا يعرفون عن الشيخ دعابته، ومؤانسته، وملاطفته، بل عرفوه مفتيًا، وخطيبًا، وداعيةً، ومؤلّفًا كبيرًا.

والجلوس مع الشيخ، والتباحث حول بعض رؤاه وأفكاره، يلخص ما قاله الشيخ: عبدالله بن بية عنه: «وخلاصة القول: إن الشيخ العلّامة يوسف القرضاوي إمامٌ من أئمة المسلمين في هذا العصر، وشيخٌ من شيوخ الإسلام في هذا الزمان. قد توافقه فتقتنع بحجته وبرهانه، وقد تخالفه فتحترم رأيه، لأنه رأي عالم تقي، لا يصدر عن جهل، ولا عن هوى، وهما شرطان لا غنى عنهما لتكون للفتوى حرمتها، وللكلمة قيمتها».

وأظنُّ أنَّ كلَّ مَن استفاد من الشيخ عليه أن يدعو له بالتوفيق والسداد والإخلاص لإتمام هذه المشاريع، فإنا نحن الرابحون!

.......

- المصدر: صحيفة المدينة السعودية.