د. يوسف القرضاوي

إن منطق القرآن: أن الله تعالى يعطي الأرض ويورثها للصالحين من عباده، وليس لعرق من العروق، وجنس من الأجناس، فالله تعالى لا يعامل الناس بعروقهم وأنسابهم، بل بإيمانهم وأعمالهم وتقواهم لله {إن أكرمكم عند الله اتقاكم} (الحجرات:13) يقول تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} (الأنبياء:105)

 فالصالحون هم الذين يرثون الأرض من أهلها الذين طغوا وظلموا، وكذبوا رسل الله وآذوهم وصدوا عن سبيل الله. كما قال تعالى: {وقال الذين كفروا لرسلهم: لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا، فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين. ولنسكنكم الأرض من بعدهم، ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد.} (إبراهيم: 13،14)

ولقد كانت الأمة الإسلامية هي الأمة المؤهلة لوراثة أرض النبوات، وتحقيق وعد الله لإبراهيم في أن يعطي هذه الأرض لنسله ـ إن صحت هذه النبوءة ـ فهاهم أبناء إسماعيل بن إبراهيم، بل هاهم أبناء إبراهيم الروحيون، الذين هم أولى الناس به، واتبعهم لملته، قد ورثوا الأرض وقاموا بحقها، وأقاموا فيها العدل والإحسان، أربعة عشر قرنًا من الزمان.

 وهم أصحاب الأرض وأهلها، وهم باقون فيها إن شاء الله حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ووجودهم في هذه الأرض هو الوجود الشرعي الوحيد الذي يقره الله ورسله والمؤمنون، وكل المنصفين من عباد الله. وأما وجود الصهاينة فهو وجود دخيل غاصب معتد أثيم، يستحيل أن يدوم. فهو حتمًا إلى زوال. وما ربك بغافل عما يعملون {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} (الشعراء:227).

..........

* عن كتاب "القدس قضية كل مسلم" لفضيلة الشيخ.