د. يوسف القرضاوي

قال صاحبي: أما المعوق الثاني فأراه ماثلاً "في ضعف المسلمين اليوم وتخلفهم في شتى الميادين" فإن ذلك قد ألقى على كاهل الإسلام نفسه تبعة تخلفهم وضعفهم بحق أو بغير حق مما جعل دعاة الإسلام في وضع لا يحسدون عليه، فلو كان المبدأ الذي يدعون إليه مصدراً: للخير والسعادة والقوة لنضح على أهله، فكيف وهم في ذيل الأمم؟

قلت: أما ضعف المسلمين اليوم وتخلفهم فلا يقع على الإسلام منه مثقال ذرة من لوم.

فإنما كان يلام الإسلام لو أن المسلمين اليوم مستمسكون بدينهم متخلقون بأخلاقه، منفذون لشرائعه، حافظون لحدوده، حكاماً وشعوباً، ولكن الإجماع منعقد على أن المسلمين بعيدون عن الإسلام الحق بعداً شديداً، كما أن شهادة التاريخ أن المسلمين يوم كانوا مسلمين حقاً، سادوا الدنيا، وفتحوا المماليك، ودوخوا الجبابرة، وأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، وتفتحت عليهم بركات السماء والأرض.

والمتتبع للمد والجزر في تاريخ الإسلام يجد المد والانتصار والقوة منوطة بالرجوع إلى هدى الإسلام بتوجيه إمام أو تأثير زعيم أو قائد، يجدد للأمة أمر دينها، كما يظهر ذلك واضحاً أيام عمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الأيوبي، وأمثالهما.

وهذا ينتهي بنا إلى أن العلاج الفذ لما عليه المسلمون من ضعف وتمزق وانحطاط هو العودة إلى الإسلام الصحيح، كما دعا إلى ذلك المجددون الأصلاء مثل جمال الدين والكواكبي ومحمد عبده ورشيد رضا وإقبال وحسن البنا وصادق الرافعي وعباس العقاد وغيرهم من المفكرين ودعاة الإصلاح.

.................

* من كتاب "من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا" لفضيلة الشيخ .