حرر فضيلة الشيخ القرضاوي هذه الرسالة ردا على اقتراح انشاء موقع خاص به على صفحات الإنترنت
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة / شركة آفاق لخدمات الإعلام والمعلومات
السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته، وبعد …
فقد تلقيت رسالتكم الكريمة التي تقترحون فيها أن تتطوع شركتكم الرائدة في قطر في مجال خدمات الإنترنت وأنظمة المعلومات المتطورة، بإنشاء موقع خاص بي على شبكة الإنترنت العالمية، مساهمة في تبليغ رسالة الإسلام إلى العالم ، ورغبة في إيصال فكرنا ودعوتنا إلى المسلمين وغير المسلمين، بهذه الوسيلة العجيبة التي علمها الله للإنسان فيما علمه، والتي لا تكلفه إلا لمسة زر، فإذا الأفكار والمعلومات حاضرة بين يديه.
وإني لا يسعني إلا أن أحييكم على هذه الروح الوثابة، وأن أشكر لكم هذه المبادرة الطيبة، فما ينبغي لنا نحن المسلمين أن نتخلف عن عصرنا، وأن نظل نركب الجمل في عصر الفضاء، وأن نستخدم أدوات عصور خلت، ونغفل آليات زماننا. والإسلام يفرض علينا أن نخاطب الناس بلسانهم حتى نبين لهم، ويفهموا عنا، وأن نطور وسائل دعوتنا بتطور الزمان والمكان والإنسان، وهذا من فروض الكفاية على الأمة.
إنني لفخور بهذا التوجه المبارك، الذي أرى أمتنا أحوج ما تكون إليه لنفسها، ولإبلاغ دعوتها إلى العالمين. إن أمتنا في حاجة إلى تصحيح مفهومها عن الإسلام، عقيدة وشريعة وأخلاقا وحضارة وتاريخا، وفي حاجة إلى تصحيح سلوكها : أفرادا وأسرا وجماعات ودولا، عاملين بالإسلام وعاملين للإسلام، داعين إلى المنهج الوسطي الذي يعرض الإسلام بعيدا عن تنطع المتنطعين، وتسيب المتسيبين، جامعين بين السلفية والتجديد، موازنين بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر، متمسكين بكل قديم نافع، مرحبين بكل جديد صالح.
إن هذا الإسلام - إذا أحسنا فهمه وأحسنا الدعوة إليه - هو طوق النجاة لأمتنا، وسفينة الإنقاذ للبشرية من حولنا، مما تعانيه من غلبة المادية، وانتشار الإباحية، وشيوع النفعية.
إنني أهنئكم وأشد على أيديكم، وأضع نفسي وكل تراثي المسموع والمقروء بين أيديكم : من خطب ومحاضرات ودروس، ومن كتب ورسائل وبحوث، ومن مقالات ومقابلات، ومن فتاوى وآراء، وكل ما تطلبونه مني فأنا مستعد لتلبيته، من أجل خدمة ديننا، والنهوض بأمتنا، وهداية العالم من حولنا، وإلا كنا مقصرين في حق رسالتنا، وسيسألنا الله تعالى عن تقصيرنا.
وفقكم الله لتحقيق ما تصبون إليه من آمال كبار، وجزاكم الله خيرا، أنتم ومن عاونكم عن دينكم وأمتكم، وسدد خطانا جميعا في طريق مرضاته، ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )
الفقير إليه تعالى
يوسف القرضاوي