افتتاح القيروان عاصمة الثقافة وقاضي قضاة فلسطين تيسير التميمي وأمين عام اتحاد المغرب الحبيب بن يحيى

القيروان (تونس) - اختتم العلامة الدكتور يوسف  القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مساء اليوم الإثنين زيارته الأولى لتونس، بعد أن شارك في الاحتفال باختيار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" مدينة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009.

ووصل د. القرضاوي تونس أمس تلبية لدعوة رسمية تلقاها من الحكومة للمشاركة في هذا الاحتفال.

وفي ساحة جامع عقبة بن نافع، الذي يوصف بالجامع الأعظم في القيروان، أدلى الشيخ خلال الاحتفال أمس بتصريح لفضائية الزيتونة للقرآن الكريم وفضائية "تونس 7" الرسمية، ركز فيه على أهمية المدينة كعاصمة للثقافة الإسلامية، وعلى الأدوار التاريخية التي لعبتها منذ تأسيسها على يد عقبة بن نافع.

بينما ركزت أغلب كلمات المشاركين الآخرين في الاحتفال على ما وصفوه بـ"دور الحكومة التونسية في رعاية الإسلام وأهله".

موكب ديني

وعقب الاحتفال، الذي تغيب عنه الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي؛ بسبب وعكة صحية ألمت به، حضر د. القرضاوي ورئيس الوزراء التونسي، محمد الغنوشي، وعدد من العلماء وممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية، موكبا دينيا احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف.

ثم تجول الشيخ في المدينة العتيقة بالقيروان؛ حيث استوقفه بعض سكان المدينة ليعبروا عن ترحيبهم الكبير بوجوده بينهم.

ومع المساء عاد بصحبة وزير الشئون الدينية التونسي، بوبكر الأخزوري، إلى العاصمة تونس؛ حيث قضى فيها كامل اليوم الإثنين.

وباستثناء اللقاء الذي جمعه بالأخزوري اليوم لم تتكشف بعد أي معلومات عن لقاءات ربما يكون قد عقدها الشيخ مع مسئولين في العاصمة.

الأولى

وهذه هي الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى تونس، وكان قد رفض في عام 2002 دعوة لزيارتها؛ مبررا ذلك بوجود مئات المعتقلين الإسلاميين داخل السجون التونسية، في إشارة إلى سجناء حركة النهضة الإسلامية المحظورة، الذين أطلق سراحهم جميعا في وقت لاحق.

وتعرض د. القرضاوي خلال السنوات القليلة الماضية لهجوم من عدد من الصحف التونسية، خاصة من الكتاب المنتمين للتيار الماركسي، وبلغ الهجوم ذروته عندما صدر كتابه "التطرف العلماني في مواجهة الإسلام.. تركيا وتونس نموذجا" نهاية عام 2001.

دلالات الزيارة

وحظيت زيارة الشيخ باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام العربية والدولية، التي ركز بعضها في التغطية على الدلالات الممكنة لهذه الزيارة.

واعتبرت هذه الوسائل أن الزيارة ربما تشير إلى تغير ما في السياسة الرسمية التونسية تجاه "الظاهرة" الإسلامية، خاصة أنها تأتي بعد التراجع اللافت للحملة التي كانت تشنها أجهزة الأمن على الحجاب وغيره من مظاهر التدين.

كما أن إطلاق سراح كل سجناء حركة النهضة، وبداية عودة بعض المهجرين منهم، والسماح لرموزهم في تونس، ومن بينهم علي العريض وزياد الدولاتلي، بالمشاركة في الأنشطة السياسية التي تنظمها أحزاب المعارضة، ولو بصفة محدودة، تمثل إشارات إضافية على التحسن في العلاقة بين السلطة وأبناء الحركة الإسلامية، حتى وإن كان ذلك التحسن طفيفا، بحسب بعض التفسيرات.

عاصمة الثقافة

وتقع مدينة القيروان على بعد 160 كم تقريبا من العاصمة، واكتسبت أهميتها التاريخية من الدور الذي لعبته في الفتوحات الإسلامية.

ويعود تأسيس المدينة إلى عام 50 هجرية على يد عقبة بن نافع، الذي أرادها أن تكون سكنا وقيروانا -أي حصنا– للفاتحين كما جاء في الخطبة التي ألقاها بهذه المناسبة.

وأول ما بني في المدينة هو المسجد الجامع، الذي تحول في بضع سنين إلى أول جامعة إسلامية تدرّس فيها جميع الاختصاصات من الفقه واللغة إلى الطب وعلم الفلك.

ومن أعلام القيروان الإمام سحنون، وابن رشيق القيرواني، وابن شرف، وأسد بن الفرات، وابن الجزار، وغيرهم كثير.

وظلت القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، ووجهة تشد إليها الرحال من المغرب إلى الأندلس، حتى زحف بنو هلال على المدينة ودمروها عام 439هـ؛ لينتقل بعدها مركز الثقل العلمي والسياسي في البلد من القيروان إلى تونس، ومن جامع عقبة إلى جامعة الزيتونة المعمورة.