الشيخ الدكتور سلمان العودة

يأسرني في الشيخ حماسه، وهو ما أسميه «الحُرقة»، حتى عندما يُلقى السلام - وهو أمر رتيب - يبدأ بحماس غريب: أحييكم بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، وتحية أهل الجنة يوم يلقونه سلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيبدأ الشيخ بهذه الروح، ويسكب من روحه وعاطفته وصدقه على الكلمات، ما يعطيها قبولًا وإشراقًا.

هذه الحرقة كيف يمكن الحصول عليها؟ قد تجد موسوعيين، ولكنهم مثل الموسوعات المركونة في المكتبات ليس فيها روح!

هذه الحماسة، وهذه الكاريزما في شخصيته، والجاذبية والتأثير الذي يُحدثه، والإبهار الذي يلاحظه من يشاهده وهو يتحدث أو يخطب.

ألم تصبك الرتابة والعادية وأنت تخطب فوق المنبر من عشرات السنين؟ لمَ لمْ تفقد الكلمات بريقها عندك، وقد تكررت في مناسبات شتى وظروف مختلفة؟!

هذه الروح، وهذه الحرقة، وهذا الحماس نحتاج أن نقتبسه؛ بحيث نجعل الجذوة تنتقل بالعدوى إلى الآخرين، وأظن هذا ما يقتبسه التلاميذ من الشيخ خلال القرب منه، إنه لا يتعاطى مع القضايا ببرود أو فتور أو آلية، وإنما بانفعال وحماس. ولا تكاد تحصل على هذه الروح من خلال الكتب، وإنما بالاختلاط والمجالسة والرؤية.

إنه التوفيق والإلهام في اختيار الكلام المناسب للمقام، في مؤتمرات ولقاءات واجتماعات للعامة أو للخاصة، أو لمحبين، أو لرسميين، أو لعلية القوم يتحدث بعفوية وبدون تحضير، فيقول: أفضل مما نزوِّر نحن ونرتب ونعدُّ!

أنا أحضِّر، ولا أحضر اجتماعًا أو برنامجًا أو غير ذلك بدون تحضير، وقد أُبالغ في الإعداد، ولا أجدني راضيًا عن أدائي.

أما الانسيابية في الفكر، والتسلسل اللطيف؛ فلدى الشيخ انسيابية في الفكرة؛ بحيث يبدو الكلام كما لو كان سردًا، ولكن إذا جاء أحد من بعده ليفرغ هذا الكلام، أو يضع له عناوين، يجد الكلام جاهزًا تمامًا للتفريغ، والعنونة، والعنصرة، والترقيم.

.......

- المصدر: «العلامة يوسف القرضاوي.. ريادة علمية وفكرية وعطاء دعوي وإصلاحي».