كامل الشريف

سمعت عن الشيخ القرضاوي أول ما سمعت في مطالع الخمسينيات من هذا القرن (الـ20) حين كانت مصر تتأهب لأكبر تحد مسلح ضد القوات البريطانية المرابطة في قناة السويس..

كانت الحركة الإسلامية تتصدر المواجهة، ولما تلتئم جراحها بعد من معركة فلسطين، التي دفعت ثمنها مرتين، واحدة مع قوافل الشهداء والجرحى  على ثرى الديار المقدسة وحول مسجدها الأقصى، وواحدة في السجون والمعتقلات حين رفضت التسليم بالهزيمة المفروضة، وحاولت تعبئة الشعوب العربية لاستئناف المعركة وإنقاذ فلسطين..

ولمع اسم القرضاوي في هذه المراحل كلها فقد رأيناه يقود مظاهرات الأزهر وتجمعات الشباب مناديًا بالجهاد وداعيًا لخير العمل؛ وجلب عليه هذا النشاط أذى الحاكمين الذين آثروا الاستسلام ورضوا بالدنية؛ فذاق مع إخوانه مرارة المعتقلات والسجون والنفي، غير أن صيحات الجهاد التي انطلقت لم تذهب عبثًا؛ فقد رأينا نتائجها في الإسماعيلية وبورسعيد والشرقية حين كان الشباب المسلم يتصدى للدبابات البريطانية، في معركة واسعة أقنعت البريطانيين بعبث التمسك بأرض مصر، ومهدت لجلائهم بعد ذلك، مما ذكرته في كتاب نشرته في تلك المرحلة بعنوان «المقاومة السرية في قناة السويس» أشرت فيه لنشاط يوسف القرضاوي الذي كان لا يزال طالبًا في الأزهر الشريف.

...........

- المصدر: "يوسف القرضاوي.. كلمات في تكريمه وبحوث في فكره وفقهه".