د. طه جابر العلواني 

كان الشيخ الغزالي -رحمه الله- كلما ذكر الشيخ يوسف القرضاوي؛ يذكره باعتزاز شديد، ويقول إنني أعتبره الضابط الذي يضبط لي اندفاعاتي، فأنا مثل محمد عبده في اندفاعاته أو السيد الأفغاني، وهو مثل رشيد رضا يميل إلى التأصيل فيما يأخذ ويترك؛ ولذلك فإنه قادر على أن يُعبِّر عن كل ما أُعبِّر عنه دون أن يعطي فرصة لخصومه أن ينالوا منه، أما أنا فما جُبلت عليه وأسلوبي وطريقتي في التعبير وقلة عنايتي بالتأصيل؛ تجعلني هدفًا أسهل لخصومي.

وحين نُشر كتاب الشيخ الغزالي «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» وثارت حوله تلك الضجة التي أدت إلى تأليف ثمانية عشر كتابًا في الرد عليه وتسجيل عدد كبير من الأشرطة في مناقشة الأفكار التي أوردها، وذكرت له أن المعهد العالمي للفكر الإسلامي سوف ينشر كتاب الشيخ القرضاوي «كيف نتعامل مع السنة؟»؛ فرح فرحًا شديدًا وأكد على التعجيل بنشر الكتاب، وقال بأن الشيخ يوسف سوف يعالج جميع الجراح التي فتحتها ولو بدون تنسيق بيننا، وسوف يتقبلون منه كل ما قلته دون أن يجترئوا على الرد عليه؛ لأنه سوف يقوم بالتأصيل لكل ما قلته، ويقوله بحيث لا يدع مجالًا للخصوم أن ينالوا منه. وقد كان.

وحين نُشر كتاب الشيخ القرضاوي «كيف نتعامل مع السنة؟»؛ أحسن الناس استقباله وطُبع طبعات عديدة، وتقبل الناس الأفكار الواردة فيه، وجلّها لا تختلف عن أفكار الشيخ الغزالي كثيرًا، لكنها كما يقول الأقدمون أوتي الشيخ يوسف السعادة في كتبه والقدرة على عرض ما يريد بأساليب مختلفة؛ يهش لها الدعاة ويتقبلها الفقهاء، ويهتم بها ويتبناها المفكرون، ويستفيد بها الطالبون على اختلاف مستوياتهم.

.......

- المصدر: «يوسف القرضاوي.. كلمات في تكريمه وبحوث في فكره وفقهه».