في اليوم الأول من أيام مؤتمر “قراءات في قضايا التجديد والترشيد في فكر العلامة يوسف القرضاوي” الذي تنظمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، تناولت محاور الجلسات بنية التجديد ومفهومه لدي العلامة يوسف القرضاوي، والتجديد في دراسات الوحي والفكر لدي العلامة يوسف القرضاوي، وفقه الأموال عند العلامة القرضاوي. وفي كل واحدة من هذه الجلسات تناول الباحثون معالم التجديد والترشيد والإنجاز الكبير في أعمال القرضاوي العلمية والفكرية.

افتتح الأستاذ الدكتور عصام البشير نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجلسة الأولى ضمن الأوراق البحثية التي قدمت عن المحور الأول من المؤتمر، ببيان منهج القرضاوي في تجديد ثلاثة مفاهيم ومصطلحات وهي: التجديد، الأمة، الفقه، وذلك في ورقة علمية بعنوان: معالم التجديد في المصطلحات والمفاهيم عند العلامة يوسف القرضاوي، حيث قام بتسليط الضوء على معاني هذه المصطلحات وآفاق تجديدها، اعتمادا منه على نهج وسطي واستيعاب شمولي ونظر إبداعي، من ذلك تحريره لمفهوم الأمة الإسلامية في العصر الحديث والتعقيب على رأي انتهاء الأمة بخصائص التشريع عن الوجود، فكان رأيه أن الأمة الإسلامية وإن اعتراها بعض ظواهر الضعف والتخلف التي تعد من سنن الكون إلا أنها تظل باقية، ومفهوم الأمة عابر للأوطان والجغرافيا وتجمعها العقيدة الإسلامية الواحدة.

بين الفقه المنظور والفقه المسطور

وفي مجال التجديد في مفهوم الفقه الإسلامي، توصل القرضاوي في مجموع ما دل عليه نصوص الكتاب والسنة أن مفهوم الفقه نوعان: فقه عن الله تعالى فيما خلق وهذا هو الفقه الكوني المنظور، وفقه عن الله تعالى فيما شرع وهذا هو الفقه المسطور، وتخلص من ذلك أن الفقه في الحقيقة لا ينبغي أن يختصر على المذكور في الكتب والمطبوعات، ولكن لا بد أن يجمع بين هذين النوعين. فقد أخرج الفقه من الجمود عند الأقدمين إلت رحابة الدنيا والحضارة.

وقد حضرت هذه المصطلحات الثلاثة بشكل واضح في فكر القرضاوي، وجسدها في اجتهاداته الفقهية، وكتاباته العلمية، ومواقفه وحياته الدعوية، وهذا يدل على شدة اهتمام الشيخ بحقل هذه المفاهيم والمصطلحات تأصيلا وتنزيلا، ونقدا وتجديدا.

إعادة ترتيب قضايا الفكر العربي المعاصر

وفي مداخلة الأستاذ الدكتور عبد الله أخواص والتي تحمل عنوان “جهود العلامة القرضاوي في تأسيس النماذج الإرشادية في التفكير الإسلامي المعاصر – قراءات في بعض المعالم” كشف عن جهود القرضاوي في إعادة ترتيب قضايا التفكير العربي المعاصر وموضع تراثه في السياقات المعاصرة والتشابك معها بأفق جديد من خلال بناء نموذج معرفي معاصر قادر على ترشيد مسار الفكر رؤية ومنهاجا، واستئناف دورة معرفية جديدة تعين على تجاوز تعثر النماذج المستعارة، وتصحيح التراكم السلبي حول فكرة الصحوة الإسلامية، من فكر الدعوة إلى فكر معرفي منفتح.

وفي مداخلة أخرى للأستاذ عبد الأحد مصطفى لو بعنوان التكامل المعرفي وأثره في الصناعة الفقهية عند القرضاوي: سبر في التصورات والترجيحات، اكتشف حضور مفهوم التكامل المعرفي في أعمال القرضاوي بشكل كبير سواء على المستوى الداخلي ام على المستوى الخارجي، ظهر من خلاله استعراض ملامح التكامل في فكره ودراسة أثره في بناء الفقه نحو الوسطية في الاجتهاد والوسطية في مصادر المعرفة والإشادة بدور مدرسة “إسلامية المعرفة”.

التجديد في دراسات الوحي والفكر

أما الجلسة الثانية فقد تناولت محور التجديد في دراسات الوحي والفكر لدي العلامة القرضاوي، وقدمت في هذا المحور أربعة بحوث علمية منها بحث الدكتور عبد المجيد النجار بعنوان تجديد الدرس العقدي عند الإمام القرضاوي، قسم أنواع التجديد في هذا المجال إلى تجديد مضموني وهذا يتطرق إلى مواضيع عقدية لم تكن مدرجة ضمن الدرس العقدي الموروث ابتداء من مدلول العقيدة نفسها إذ يتضمن هذا المدلول القضايا العملية إضافة إلى القضايا الغيبية، فأدخل على سبيل المثال قضية الإنسان ضمن هذا المفهوم. والنوع الآخر تجديد منهجي من ذلك إدخال الأدلة النفعية في عرض العقيدة والاستدلال عليها.

مشروع موسوعات السنة الثلاث

ومن المداخلات في هذا المحور التجديد في خدمة السنة النبوية وعلومها عند القرضاوي، عنوان ورقة الدكتور عبد الجبار سعيد رئيس قسم القرآن والسنة، كلية الشريعة جامعة قطر، تناول في بحثه جهود القرضاوي في خدمة السنة النبوية حيث عرف بمؤلفاته وأبحاثه المختلفة والمتنوعة في هذا المجال، وبين الجوانب التي دعا فيها القرضاوي للتجديد في خدمة السنة النبوية وعلومها، ومن أبرز ذلك: نقد المتون – شرح النسة النبوية شرحا جديدا يتلاءم مع العصر وأدواته – إعادة تبويب السنة وتقسيماتها حسب قضايا العصر وحاجاته.

كما عرض الدكتور عبد الجبار ضمن طموحات القرضاوي واقتراحاته في خدمة السنة النبوية رؤيته حول مشروع موسوعات السنة الثلاث، حيث يرى القرضاوي أن السنة وخدمتها في هذا العصر تحتاج إلى موسوعة شاملة لرجال الحديث حاصرة لجميع الرواة ولكل ما قيل فيهم من وصف وتعريف، أو توثيق وتضعيف. وموسوعة أخرى لمتون الأحاديث بأسانيدها وبكل طرقها جامعة لكل ما روي من السنة ونسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من كل المصادر الممكنة الموجودة والمخطوطة. ثم هاتان الموسوعتان تهيئان لموسوعة ثالثة هي الهدف المنشود من وراء هذه الرؤية، وهي موسوعة الصحاح والحسان المنتقاة من الموسوعة الشاملة، ثم موسوعة مستقلة في شروح الأحاديث شرحا جديدا تتلاءم مع العصر وترد الأباطيل.

- المصدر: إسلام أون لاين